: نظرة على موقف حركة طالبان من التطورات في فلسطين

shafaqna 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

belbalady  

شفقنا-هناك تطورات وأحداث قلما تحدث على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولكن انعكاسها قوي إلى حد يحدث هزة في كل المعادلات ويجبر كل الدول والمؤسسات على تعليق كافة علاقاتها الطبيعية مع العوامل المرتبطة بتلك الحادثة. إضافة إلى ذلك، يرسمون مقاربتهم الرسمية لهذه الأحداث بأسلوب واضح المعالم بما يتماشى مع الآخرين.

يمكن تحليل الحرب في غزة والكارثة التي سببها الكيان الصهيوني في هذه المنطقة باعتماد ما اشير اليه أعلاه. ومن المحتمل جدا أن تؤثر هذه الحرب على الدول الإسلامية التي تربطها علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني لمدة عام على الأقل، ومن المحتمل أن تؤدي إلى تعليق أي عملية تطبيع للعلاقات مع الكيان الصهيوني. إذ تشير التوقعات إلى حد ما إلى أنه إذا لم يتم احتواء الحرب في غزة قريبا وفي حال انها تتحول إلى كارثة واسعة النطاق، فإن هذه القضية ستجبر دول الشرق الأوسط والمنطقة أخيرا على الدخول بشكل علني في اصطفاف سياسي جديد.

لقد قبلت حكومة طالبان في أفغانستان، بناء على اتفاق الدوحة السياسي، بعض الالتزامات تجاه الولايات المتحدة وحلفائها، وهي مطالبة بالامتثال لها، لكن يمكن ملاحظة أن الحرب في غزة أجبرت طالبان على تغيير نهجها الرسمي بوضوح تجاه القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني مما وضعها في صف واضح. 

المواقف الرسمية والدبلوماسي لطالبان بشأن حرب غزة

منذ بداية “طوفان الأقصى” والحرب الوحشية التي يشنها الكيان الصهيوني ضد شعب فلسطين الأبرياء، أصدرت حكومة طالبان ثلاثة بيانات رسمية بأربع لغات: الفارسية، والبشتونية، والعربية، والإنجليزية. البيان الأول نشرته وزارة خارجية طالبان، والذي تنعكس فيه ثلاث نقاط أساسية كنظرة طالبان الاستراتيجية تجاه التطورات في فلسطين والحرب في غزة:

النقطة الأولى هي أن حكومة طالبان أعلنت بوضوح أن بداية طوفان الأقصى هي نتيجة طبيعية ونوع من العقاب على سلوك الكيان الصهيوني تجاه فلسطين. 

وجاء في ذلك البيان: “إن وقوع مثل هذه الأحداث سببه انتهاك الصهاينة الإسرائيليين لحقوق الشعب الفلسطيني المظلوم، وتكرار الإهانة والازدراء لمقدسات المسلمين”.

النقطة الثانية هي أنه وبينما تحاول الولايات المتحدة والغرب وشركات الإعلام المتحالفة معهم التأكيد على رواية أن الفلسطينيين اتخذوا إجراءات ضد أمن فلسطين المحتلة، حاولت حكومة طالبان الاتفاق مع الدول الإسلامية في بيانها وتقديم المقاومة الفلسطينية بانها مشروعة وتأتي وفقا للمعايير القانونية والإنسانية وان الكيان الصهيوني حكومة غاصبة. 

وجاء في هذا البيان: “إن الإمارة الإسلامية تعتبر أي نوع من الدفاع والمقاومة للشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه ومقدساته حق مشروع له”.

النقطة الثالثة هي أنه ومن أجل حل الصراع التاريخي في فلسطين، دخلت طالبان بطريقة أو بأخرى في استراتيجية سياسية شاملة وطلبت من دول المنطقة والعالم التوصل إلى توافق بشأن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على أرض فلسطين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. واستخدام إرادتهم المشتركة لإنهاء هذا الصراع التاريخي.

 وجاء في البيان: “إن إمارة أفغانستان الإسلامية تعلن دعمها للحق المشروع والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني في أن تكون له دولته المستقلة على الأرض التاريخية للفلسطينيين، وتدعو الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي، والمجتمع الدولي وخاصة الدول المؤثرة في المنطقة إلى المضي قدما ووقف عنف قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني البريء والبدء في العمل على حل القضية الفلسطينية على أساس منح الحقوق المشروعة للفلسطينيين”.

وبالنظر إلى لغة وأسلوب بيان وزارة خارجية حكومة طالبان، يتبين أن حكومة طالبان، بكل معنى الكلمة، تعتبر نفسها ذات فكر واحد ومتحالفة مع القضية الفلسطينية والمقاومة وتدعمها. لذلك، في الوقت نفسه الذي يتعرض فيه سلوك حكومة طالبان تجاه وضع حقوق الإنسان وعمل المرأة والتعليم وعدم مراعاة الحقوق الأساسية للمواطنين للاعتراض والانتقاد من الشعب الأفغاني، فإن الأدلة تظهر أن إن موقف طالبان الثابت في دعم الشعب الفلسطيني مقبول تماما، لدى المواطنين والرأي العام داخل أفغانستان.

والسؤال الذي قد يطرح في هذا الصدد هو ما إذا كان موقف وبيان وزارة خارجية حكومة طالبان يعبر عن وجهة نظر ونهج جميع الفصائل ومختلف أجزاء البنية السياسية لطالبان تجاه المقاومة الفلسطينية والحرب ضد الكيان الصهيوني؟

إن دراسة خطابات مسؤولي طالبان وموقف مسؤولي حكومة طالبان فيما يتعلق بحرب غزة تظهر أن حكومة طالبان لديها نهج مشترك وحازم تجاه هذه الحادثة. 

على سبيل المثال، أشار حاكم كابول، أثناء إعلانه تحذيرا للكيان الصهيوني في مؤتمر كبير للعلماء الأفغان في العاصمة كابول، إلى أن “إسرائيل ستُزال قريبا من خريطة العالم”.

وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن أسلوب بيان وزارة خارجية طالبان كان مفاجئا إلى حد ما لوسائل الإعلام العالمية، وحتى صوت أمريكا وجهت هذا السؤال تحديدا إلى ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، فيما يتعلق ببيان وزارة خارجية طالبان، وهو في وقال ردا على ذلك “موقف طالبان هو نفس هذا الموقف.”

نشرت حكومة حركة طالبان بيانها الثاني بعد قرار الكيان الصهيوني الإخلاء القسري لسكان شمال قطاع غزة وإجلاء أكثر من مليوني فلسطيني من هذه المنطقة، في إطار خطة الكيان الصهيوني لضم هذه الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل. ووصفت حكومة طالبان هذه الخطة بأنها “جريمة حرب”، ونبهت الدول المهتمة بالقضية الفلسطينية إلى أن تكون على دراية بعواقب هذه الممارسات التي يقوم بها الكيان الصهيوني.

ورغم ذلك فإن السؤال الآخر الذي يطرح نفسه حول تصريحات طالبان بشأن حرب غزة هو ما مدى قوة وحسم لغة طالبان؟ 

وردا على ذلك، تجدر الإشارة إلى أن حركة طالبان أصدرت 3 بيانات حتى هجوم الكيان الصهيوني على مستشفى المعمداني في غزة. وتبين دراسة هذه التصريحات أن لغة طالبان في كل بيان أصبحت أكثر حدة مما كانت عليه في الماضي. 

وفي البيان الثالث، أشارت حركة طالبان إلى تصرفات الكيان الصهيوني “همجية” و”إجرامية”، ووصفت سلوك الكيان الصهيوني بـ “الوحشي” و”الإجرامي”. 

ومن المثير للاهتمام أن حركة طالبان حذرت الكيان الصهيوني في هذا البيان: “إذا لم يتم إيقاف هذه الوحشية والهمجية، فمن المحتمل أن يتفاقم الوضع في المنطقة ويفتح المجال لردود أفعال خارجة عن السيطرة. وينتهي على حساب المنطقة والعالم بأسره”.

دعم طالبان العملي للمقاومة الفلسطينية

بالتزامن مع نشر تصريحات حركة طالبان القاسية ضد الكيان الصهيوني ودعم المقاومة الفلسطينية، لفتت قضيتان مترابطتان انتباه وسائل الإعلام والمحللين. أولا، نُشرت مقاطع فيديو على الشبكات الافتراضية هدد فيها جنود من كتائب طالبان الانتحارية الكيان الصهيوني بهجمات انتحارية في إسرائيل. ثانيا، نشر حساب على وسائل التواصل الاجتماعي يعرف باسم إدارة العلاقات العامة لطالبان، والذي غير اسمه فيما بعد إلى “فلسطين الحرة”، رسالة مفادها أن حركة طالبان اتصلت بإيران والعراق والأردن من أجل السماح لمقاتليها بالعبور إلى غزة لكي تنضم إلى حركة حماس في الحرب ضد الكيان الصهيوني. 

وبعد نشر هذه الرسالة على موقع التواصل الاجتماعي X حول نية طالبان الانضمام إلى حرب حماس ضد الكيان الصهيوني لم يؤيد سهيل شاهين رئيس المكتب السياسي لطالبان في الدوحة هذا الخبر. ورغم ذلك لا يزال هناك احتمال وسؤال وهو هل ستدخل حركة طالبان مرحلة الدعم العسكري دعما للمقاومة الفلسطينية؟

وما يمكن قوله من خلال المعطيات النفسية هو أن الشعور بانتصار طالبان في أفغانستان عزز روح الحرب والجهاد والأهداف الذهنية بعيدة المدى لدى قادة ومقاتلي طالبان، وهذا أمر طبيعي. ومن هذا المنطلق يرجح أن يكون لدى بعض قادة ومقاتلي طالبان رغبة داخلية ونفسية في القتال في فلسطين. 

هذه الرغبة والعاطفة الداخلية للحرب في فلسطين كانت حاضرة في العديد من الدول الإسلامية والجماعات الإسلامية في السنوات الأولى لاحتلال فلسطين، وهي ليست بالأمر الجديد على مقاتلي طالبان.

لكن ما يمنع طالبان من هذا الاتجاه والدخول إلى ساحة المعركة الفلسطينية هو الاعتبارات السياسية المنفصلة التي تلتزم بها طالبان، كحكومة مقرها في أفغانستان. 

ويأتي هذا التقييم السياسي من حقيقة أنه بموجب الاتفاق السياسي بين طالبان والولايات المتحدة في الدوحة، التزمت طالبان بتجنب أي تهديدات ضد الولايات المتحدة وحلفائها. 

ومن هذا المنطلق، يبدو من غير المرجح في الوقت الحاضر أن تدخل حكومة طالبان بشكل مباشر في حملة الدعم العسكري لفلسطين وتواجه الداعمين الغربيين للكيان الصهيوني، بما في ذلك الولايات المتحدة.

ومن وجهة نظر أخرى، فإن استراتيجية الدول الإسلامية الأخرى كانت تتمثل في مواصلة دعمها السياسي للشعب الفلسطيني دون التدخل المباشر في الحرب الفلسطينية، حتى يحقق الشعب الفلسطيني والمقاتلون أنفسهم النصر النهائي مع استمرار المقاومة الوطنية.

المصدر: مطالعات شرق

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" shafaqna "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
close
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??