: أفيخاي وأنغام.. من الفائز؟!

الأسبوع 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تستفزنى حالة التواصل بين بعض رواد «فيسبوك»، وبين المتحدث العسكرى الصهيونى، ويُدعَى «أفيخاى أدرعى».. وقد كتبت عن ذلك فى ذكرى نصر أكتوبر قبل سنوات عندما كان عدد متابعيه بضعة آلاف، عندما راح يستفز متابعيه قائلا: «إن إسرائيل انتصرت فى الحرب»، وراح الشباب يردون عليه.. البعض بالمناقشة، والغالبية بالتوبيخ وتوجيه الشتائم.

هذه المرة ومع العدوان «الإسرائيلى» على غزة تبارى نشطاء «فيسبوك» من تلقاء أنفسهم، فى الهجوم على المتحدث الصهيونى، معتبرين أن ما يقومون به انتصار.. دون أن يدركوا أنه الفائز الحقيقى فى هذه المعركة، بعد أن نجح فى جرِّهم إلى التطبيع!!.

ومنذ أيام تابعت المعركة الدائرة بين هذا المتحدث وبين الفنانة المصرية أنغام، المثير أن كثيرين، يعتبرون ما حدث انتصارًا، وغـزوًا، وكشفـًـا للحـقيقـة، ودفـاعـًــا عن الثوابت الوطنية، حتى إن بعض الصحف والفضائيات تناولت المعركة الإلكترونية، بوصفها نصرًا، دون أن يدرك هؤلاء وهؤلاء، أن الفائز الحقيقى هو من استفزهم، بطريقة أو بأخرى، وجرَّهم إلى مستنقع التطبيع!!

البعض يعتبر فى ذلك مبالغة أو تزيّدًا، لكن على هؤلاء أن يفكروا قليلا:

- أفيخاي أدرعي ومهمة إسرائيل الكبرى!

هذا المتحدث.. عسكرى فى جيش الاحتلال، أو جزء من منظومة أمنية وعسكرية صهيونية، تحدد أهدافها بعناية، ويجب ألا نتوهم أنه دشَّـن صفحة ويتواصل مع الشباب العربى من تلقاء نفسه، أو أنه يملأ صفحته بالأدعية الدينية والآيات القرآنية فى رمضان والعيدين أحيانــًا، والتعليقات على مباريات كرة القدم أحيانا أخرى، من باب التسلية، فما يقوم به مدروس بعناية لاستقطاب الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعى والحديث معهم، وجرِّهم للتطبيـع، وقد نجح فى ذلك للأسف، حتى إن تسجيلات الإعجاب على صفحته وصلت إلى 2.4 مليونًا.. ولو كان فشل فى أداء مهمته لتم تغييره فورًا، أو إلغاء الصفحة من الأساس.

المتحدث باسم جيش الكيان الصهيونى، فى سبيل اجتذاب أكبر عدد من المتابعين، يستند إلى عدة محاور.. أولا: يقوم بتقديم المعلومات والتفاصيل بدقة شديدة تجعل منه مصدرًا «موثوقــًـا» لتلقى الأخبار، وظهر ذلك واضحـًـا فيما كان يقدمه من أخبار حول العدوان الأخير على غزة.

ثانيا: استفزاز المتابعين بذكر آراء مغلوطة، كأن يتحدث باستخفاف عن انتصار مصر فى أكتوبر، كما يفعل دومًا ويقول: إن الصهاينة انتصروا فى الحرب، فيتبارى البعض فى الرد عليه ليصبح الدخول على صفحته والحديث معه ومتابعته أمرًا طبيعيـًـا.

وبين هذا وذاك يتسلل إلى العقول ببعض الحديث، عن علاقته بزوجته وكيف اشترى لها هدية قيّمة فى عيد ميلادها، ولا مانع فيما بعد أن يذكر خلافـًـا بينـه وبين زوجتـه ويطلب مشورة المتابعين!!.

كما يتعمد الحديث الناعم عن أصدقائه، وهواياته، وكيف يقضى إجازاته، والموسيقى التى يستمع إليها، والمطربين العرب الذين يحب أن يسمعهم، والأفلام التى يحرص على مشاهدتها، وهكذا.. ليخلـق عـلاقة مع متــابعيه.

وبتحليل مضمون صفحة «أفيخاى أدرعى»، تجد أنه يحاول أن يخلق صورة ذهنية مثالية عن إسرائيل، وحالة تعاطف مع الدولة المزعومة التى يكرهها كل من حولها ويحرِّضون عليها ويتمنون زوالها، بينما هى دولة ديمقراطية متقدمة، يدافع جيشها عن وجودها!.

-أفيخاي أدرعي وفخ التطبيع!

هذا الكلام وإن كان مردودًا عليه ومرفوضـًـا الآن، لكن البعض دون أن يدرى وبفعل الإلحاح الممنهج، والمدروس، يشعر بالتعاطف مع «إسرائيل»، بالضبط كما حدث عندما روَّج المطبعون أمثال على سالم وغيره، أكذوبة «جماعات السلام» و«ثقافة السلام» و«التعايش السلمى» و«الشرق الأوسط الجديد» و«المستقبل الأفضل» و«قبول الآخر».. وغيرها.

الخطورة هنا أن ما كان يقدمه المطبعون للرأى العام المصرى والعربى بعد لقاءاتهم بالصهاينة أو زياراتهم للكيان الصهيونى، يقدمه اليوم «الإسرائيليون»، بأنفسهم من خلال المتحدث باسم جيش الاحتلال، أو من خلال التواصل المباشر دون الحاجة إلى وسيط، بما يكسر الحاجز النفسى بينك وبين عدوك.

قد يقول البعض إنهم يفهمون ما قلته، جيدًا عن الكيان الصهيونى، بل يعرفون أكثر من ذلك، وإنهم يتواصلون مع صفحة المتحدث باسم جيش الاحتلال، ليعبروا عن كرههم لإسرائيل وبغضهم لما تقوم به من جرائم، أو للسخرية منه.

لكن هؤلاء يتجاهلون أن هذا المتحدث محترف، مدرَّب بشكل جيد على ما يقوم به، وهم غير مدربين، بمعنى أدق: هناك وحدات صهيونية تتابع الإعلام الاجتماعى، وتستخدم أحدث الأساليب العلمية والنفسية فى تحليل ما يُكتب والرد عليه، والاستفادة منه، إذن احتمال نجاح هذا الصهيونى فى مهمته أكبر، لأن ما يفعله مدروس ومخطط له، ويكفيه نجاحـًـا أنه يفـرِّغ طـاقة الغضب عند المصريين والعرب فى عبارات السب والسخرية.

فأنت تذكـر بعض ما درسته أو عرفته عن مذابح «دير ياسين» و«كفر قاسم» و«مدرسة بحر البقر» و«أبوز عبل»، وتشاهد الجرائم التى يرتكبها جنود الاحتلال الصهيونى ضد أشقائنا فى فلسطين، فيتكون لديك يومـًا بعد الآخـر رصيد كبير مـن الغـضب، تفرغـه يوميـًـا وبشكل مستمر، أمام جهاز الكمبيوتر، فى عبارات لا تُـقدِم، بل تُـؤخِر.

عزيزى المتواصل مع «أفيخاى أدرعى».. هل تعرف كم من اليهود هاجروا من إسرائيل بسبب عزلتهم؟ وهل أنت سعيد بما توجهه له من شتائم؟ ألا تشعر بالذنب وأنت تشتم شخصـًـا، فيبتسم لك أو يتغاضى عن قباحتك، ويتحدث معك عن هواياته والموسيقى التى يحب أن يسمعها؟!.

وما يدريك أن ما تكتبه، أنت وغيرك، لا تتم ترجمته وتصديره للغرب؟!، ليبدو الصهاينة مظلومين مضطهدين يواجهون عدوا يكرههم، أو يتم جمعه فى كتاب لتدريسه للتلاميذ فى المدارس الإسرائيلية؟.

ولِـمَ لا؟!.. فالصهاينة يعلِّمون أولادهم الجمع والطرح وقواعد الحساب فى المدرسة عن طريق: لديك 5 من العرب قتلت 3 فكم يتبقى؟!.. هذه حقيقة وليست على سبيل المبالغة.

البعض يقول إنه يتواصل مع صفحة هذا المتحدث من باب: «اعرف عدوك»، وهؤلاء أسألهم: ألا توجد طريقة أخرى تعرفون بها عدوكم بدون هذا التطبيع؟ ارصدوا ما عرفتموه عن إسرائيل بعد متابعة هذه الصفحة، وما كنتم تعرفونه قبل ذلك، لتدركوا أن مسألة اعرف عدوك من خلال التطبيع أكذوبة كبيرة روجها الصهاينة أنفسهم لتمرير التطبيع وجعله مستساغـًـا.

حقيقة حكاية اعرف عدوك التى رددها المطبعون الأوائل، تذكّـرنى، بكـثيرين أدمنوا الهيروين لأنهم حاولوا أن يعرفوا تأثيره، وهى أقرب لمن يرمى بنفسه تحت عجلات القطار ليعرف شعور المنتحر.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" الأسبوع "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
close
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??