في مثل هذا اليوم وقبل 89 عامًا، ولد الفنان عبد الله غيث 28 يناير 1930، في كفر شلشلمون بمنيا القمح بمحافظة الشرقية لأسرة تمتلك مئات الأفدنة لأب يجيد الإنجليزية درس الطب في لندن واستدعاه أبوه ليتولى العمودية بقريته مع بوادر الحرب العالمية الأولى.
فتزوج وأنجب 5 أبناء وكان عبد الله غيث أصغر أبنائه، وتوفي غيث في 13 مارس 1993 عن عمر ناهز 63 عامًا، بعد مشوار فني حافل بالعديد من المسلسلات والأفلام الدينية والتاريخية التي برع في أدائها حتى كاد ألا يخرج عنها في أواخره.
تزوج الفنان عبد الله غيث صغيرًا "18 سنة" من ابنة خالته التي رافقته طوال رحلة عمره وأنجبت له أدهم وعبلة والحسيني.
وكان محافظاً في بيته لا يخلط بين صداقات الفن وجو الأسرة إلا في أضيق الحدود، وتوفي والده وهو لا يزال صغيراً فاستمر في دراسته بالقرية إلا أنه كان تلميذًا شقيًا يحب الهروب من المدرسة ليذهب إلى السينما والمسارح والحفلات الصباحية وبالكاد يحصل على الإعدادية ثم الثانوية وظل بعدها يعمل بالزراعة ويشرف على أرضه مدة 10 سنوات ثم انتقل إلى القاهرة والتحق بمعهد الفنون المسرحية بإشراف أخيه حمدي غيث الذي عمل أستاذًا بالمعهد بعد رجوعه من بعثته بباريس.
وعٌرف عنه أنه أفضل من قدم المسرح الشعري.. فقد رشحه عميد المسرح يوسف وهبي ليخلفه على خشبة المسرح كما بدأ عمله في المسرح القومي بأعمال كلاسيكية مترجمة وصلت إلى مئات المسرحيات منها: "وراء الأفق" و"حبيبتي شامينا" و"الخال فانيا" و"دنشواي الحمراء" و"كفاح شعب" و"مأساة جميلة" و" تحت الرماد" و"الدخان" و"الكراسي" و"الوزير العاشق" و"مرتفعات وذرنج" و"ملك القطن" و"آه يا غجر" و"الزير سالم" وكثيرًا ما كانوا يرشحونه للأدوار الصعبة.
وتلا ذلك قيامه بأدوار البطولة في معظم المسرحيات الشعرية فاستحق عن جدارة لقب النجم الأول على مستوى الوطن العربي للمسرح الذي يؤدي شعرًا وكان من قبل يفنى.. لم يكن يحلم بأن يكون مهندسًا أو محاميًا وانحصر حلمه في شيئين: الفلاحة أو الفن.
فقد كان عبدالله غيث، يعشق الريف ولا يجد نفسه على حقيقتها إلا في قريته وهو يرتدي الجلباب ويجلس على المصطبة تحت الجميزة في الغيط على شاطئ الترعة بعيدًا عن المظاهر والشكليات.
لم يشارك عبد الله غيث إلا في عدد قليل من الأفلام أشهرها: "أدهم الشرقاوي" عام 1964، و"حكاية من بلدنا" و"السمان والخريف" و"جفت الأمطار" و"الحرام" وكان لفيلم "الرسالة" العالمي وضع خاص.
ويرجع سبب قلة أفلامه إلى عدم استعداده لتقديم أي تنازلات وكان يدقق في ما يختاره ويناسبه من الناحية الفنية فظل يمارس الفن بروح الهواية ولم يستطع أحد منافسته، ولا سيما في نوعية الأدوار التي يختارها.
وقع اختيار المنتج والمخرج السوري مصطفى العقاد على عبد الله غيث لأداء دور حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم في فيلم الرسالة عام 1976، والذي صوّرت معظم مشاهده ما بين أرض ليبيا والمغرب وتم إنتاج نسختين منه عربية وإنجليزية بالديكور والمناظر نفسهما مع تغيير في المجاميع والأبطال وفي المقابل قام الممثل العالمي أنتوني كوين بدور حمزة في النسخة الإنجليزية، اعتقد المخرج مصطفى العقاد في البداية أن الممثلين العرب سوف يتعلمون الأداء الدرامي من الأجانب فتعمد أن يبدأ تصوير كل مشهد بالأبطال الأجانب وبعد مضي 3 مشاهد بالتحديد فوجئ العقاد بالفرق في الإحساس بالشخصية وطريقة الأداء بين الممثل العربي وزميله الأجنبي فطلب من أنتوني كوين أن يجعل المجموعة العربية تبدأ بالتمثيل إذ لا يعقل أن تمثل شخصية إسلامية مثل أسد قريش بأسلوب أمريكي يطغى عليه "الكاوبوي" كان أنتوني كوين يقف معجبًا وهو يتابع عبد الله غيث حيث قال: "لو كان عبد الله غيث في أوروبا أو أمريكا لكان له شأن آخر" وأيدته النجمة العالمية في هذا الرأي قائلة: "إن عبد الله غيث فنان عالمي على مستوى عال".
أما في عالم التلفزيون اشتهر في العديد من المسلسلات الناجحة أولها مسلسل "هارب من الأيام" عام 1963، ولقب بعده بملك الفيديو "الصبر" و"الثعلب" و"المال والبنون" و"محمد رسول الله" و"الحرية" و"الكبرياء تليق بالفرسان" وآخرها "ذئاب الجبل" ولم يكن عبد الله راغبًا في التردد على الأطباء أو المستشفيات لذلك لم تكتشف إصابته بسرطان الرئة والكبد معًا إلا في مراحلهما الأخيرة، حين كان يعمل في مسلسل "ذئاب الجبل" وفي مسرحية "آه يا غجر" تحامل على نفسه حتى انتهت المسرحية ولم يستطع إكمال 4 مشاهد من "ذئاب الجبل" وأثناء وجوده في المستشفى فوجئ بوفد ليبي ينوب عن الرئيس العقيد معمر القذافي يبلغه بأن هناك طائرة طبية خاصة تنتظره لنقله إلى أي بلد في العالم للعلاج، أخبرهم طبيبه الخاص بأنه قد فات الأوان، ثم رحل عبد الله غيث عن الدنيا في يوم الأربعاء 13 مارس 1993.
بالبلدي | BeLBaLaDy
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" الوطن "
0 تعليق