نقص فى الإمكانيات والأطباء المتخصصين داخل وحدات الغسيل الكلوى بالمستشفيات العامة، يقابله إهمال فى اتباع إجراءات مكافحة العدوى وضعف الرقابة والتفتيش على الوحدات الخاصة، كل هذا جعل المرضى يذوقون الأمرَّين أثناء إجراء جلسات الغسيل فى المنيا.

طبيب بمستشفى حكومى لخّص الوضع داخل وحدات الغسيل الكلوى بعبارة «ما يرضيش ربنا»، مؤكداً أن الجلسة الواحدة تكلف الدولة 325 جنيهاً، ويقتصر اهتمام مديرية الصحة على متابعة الوحدات الواقعة داخل مدينة المنيا، مثل المستشفى العام «الأميرى»، لكن فى مراكز المحافظة، فإن الأمر غاية فى الصعوبة، لأن هناك نقصاً شديداً فى عدد الأطباء المتخصصين فى الكلى، ما يدفع إدارات المستشفيات لإسناد مهمة الإشراف والمتابعة كاملة لأطقم التمريض، الذين يعملون على مدار 12 ساعة يومياً، حيث إن جلسة الغسيل الواحدة تستغرق 4 ساعات، بعدها يتم تعقيم الجهاز لمدة ساعة، من خلال تغيير الوصلات والإبر والخراطيش.

وأضاف أن إجراءات مكافحة العدوى مهملة جداً، ومحطات معالجة المياه المستخدمة فى الغسيل الكلوى أحياناً تكون ناقلة لميكروب نادر يعرف باسم «سيدوماس»، وتتضارب نتائج العينات التى يتم تحليلها لمعرفة هل يوجد الميكروب من عدمه فتارة نجد تقارير الوزارة تؤكد أن نتائج تحليل الجهاز سلبية، فى المقابل ترصد معامل المستشفيات إيجابية الإصابة بالميكروب، كما أن هناك نقصاً حاداً فى عقار «هيبارين» الذى يُحقن به المريض أثناء جلسة الغسيل لتمنع تجلط الدم، وذلك على مستوى مستشفيات المحافظة وعددها 9 مستشفيات كائنة بالمدن والمراكز، وتضم نحو 284 جهاز غسيل، منوهاً بأن جميع وحدات الغسيل بالمستشفيات الحكومية لا توجد بها أجهزة تكيف وتستخدم المراوح التى يكون لها دور كبير فى نشر وتوزيع العدوى بعكس التكييف الذى يطرد الهواء من الداخل للخارج، كما أن معظم الماكينات مستهلكة، فمن المفترض أن تعمل 40 ألف ساعة فقط، ويتم تغييرها فإذا تم فحص جميع الماكينات سيتضح أن معظمها تجاوز 50 ألف ساعة عمل.

محمد محمود، أحد المرضى الذى يُجرى جلسات غسيل كلوى بداخل وحدة خاصة، قال إن الوضع داخلها أسوأ من الحكومى، مؤكداً أن إجراءات مكافحة العدوى غير موجودة بالمرة، ومنها عدم توافر علب كرتون للتخلص من المخلفات أو توافر «جوانتيات وبيتادين وسبرتو أبيض»، ونفس الأمر موجود داخل الوحدات الكائنة بالمستشفيات الحكومية، مشيراً إلى أنه خلال تردده على تلك الوحدات بالمستشفيات العامة لاحظ أن جميع أعمال الإشراف والمتابعة مُسندة لأطقم التمريض، وأنه نادراً ما يظهر طبيب واحد لمتابعة الحالات التى تجرى لها جلسات الغسيل.

وقال جمال رمضان، أحد المرضى، إنه بدأ التردد على مستشفى حكومى بمدينة المنيا، قبل عام، لإجراء جلسات الغسيل، وبعد أول جلسة تدهورت حالته الصحية، وحينما أجرى تحاليل طبية بمراكز خاصة، اكتشف نشاط فيروس «سى» بعد أن كان خاملاً، مرجحاً أن يكون السبب انتقال العدوى له من أجهزة الغسيل الكلوى، مضيفاً أن معظم وحدات الغسيل الكلوى بالمستشفيات الحكومية تعانى من ضعف الإمكانيات وقلة عدد المتابعين للأجهزة من أطقم التمريض والأطباء.

مسئول بصحة المنيا، أكد أن إجمالى عدد وحدات الغسيل الكلوى داخل المستشفيات العامة والمركزية بمراكز ومدن المحافظة، نحو 284 ماكينة، ويتم سحب عينات للتأكد من صلاحية المياه المستخدمة، وتثبت التقارير صلاحيتها ومطابقتها، مشيراً إلى أنه لا توجد أزمة فى عدد وحدات غسيل الكُلى، فهى تُغطى المحافظة، وجميع المستشفيات العامة والحكومية يوجد داخلها وحدة غسيل كُلى.

من جهته، كلف اللواء قاسم حسين، محافظ المنيا، دكتورة أمنية رجب، وكيل وزارة الصحة، بتكثيف حملات الرقابة والمتابعة على المستشفيات بالمدن والوحدات الصحية بالقرى للوقوف على مدى انضباط الأطباء وفرق التمريض والتزامهم بنوبتجيات العمل والتأكد من توافر الأدوية والأدوات والمستلزمات الطبية اللازمة للمواطنين ومستوى الرعاية الصحية المقدمة لهم.

وشدد المحافظ على ضرورة مراجعة كافة وحدات الغسيل الكلوى داخل المستشفيات الحكومية بنطاق المحافظة والتأكد من أعمال الصيانة بشكل مستمر، موجهاً بضرورة قيام صحة البيئة بسحب عينات من محطات المياه التى تقوم بتشغيل تلك الوحدات داخل المستشفيات للتأكد من مطابقتها للمواصفات بشكل دورى والتأكد من توافر جميع مستلزمات الكلى من فلاتر وكبسولات والإبر الخاصة بالسيولة. وأكد المحافظ ضرورة متابعة كفاءة وحدات الغسيل الكلوى وتعقيمها باستمرار وعدم وجود أى أجهزة معطلة، مشدداً على أنه لا تهاون فى صحة المواطنين، ووجه المحافظ بتشكيل لجان طبية مكبرة من مديرية الصحة للمرور والتفتيش الطبى على كافة المستشفيات الخاصة على مستوى المحافظة ومراجعة الاشتراطات الطبية الخاصة بها واتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال أى مستشفى يثبت تقصيره.