فجَّر قرار الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة السابق، بإصدار تراخيص مزاولة المهنة كأخصائيين فى تخصصات الأشعة والمختبرات الطبية، لخريجى كلية العلوم الطبية، معركة ساخنة بين نقابتى الأطباء والعلوم الطبية، بسبب تمسك الأخيرة باستحقاق أعضائها لقب أخصائى، ما دفع نقابة الأطباء لتوجيه اتهامات لها بالتعدى على المهنة والتدليس على المرضى، كما نشروا تحذيرات لخريجى الثانوية العامة بعدم الالتحاق بكليات العلوم الصحية للحصول على لقب طبيب.
اتهامات لأعضاء النقابة الوليدة بالتعدى على مهنة الطب والتدليس على المرضى
واشتد الصراع بين النقابتين بعد صدور القرار، يناير 2018، وبدأت أولى محطات الصراع بمخاطبة نقابة الأطباء وزارة الصحة بوقف تنفيذه، مؤكدين أنه يمثل تعدياً على مهنة الطب، لأنهم ليسوا من خريجى الكليات الطبية، وليسوا أطباء مؤهلين لتشخيص الأمراض.
وتصاعدت الأزمة بعد وقفات احتجاجية قام بها طلاب كليات العلوم الطبية فى 5 جامعات مختلفة، ما دفع وزير التعليم العالى لاتخاذ قرار بتشكيل لجنة من جميع أطراف الأزمة لحلها، لكن تلك اللجنة حتى هذا الحين، وفقاً لقول نقيب العلوم الطبية، لم تنعقد حتى الآن، بعد قراره بوقف التنسيق فى تلك الكليات هذا العام.
«الوطن» ترصد الأزمة منذ بدايتها، وتعرض اللوائح والقرارات التى أنشئت على أساسها كليات العلوم الطبية، ورأى الأطباء فى الأزمة، بالإضافة إلى مواجهة طرفى الصراع، خلال السطور المقبلة.
المعركة اشتعلت بعد تحذير الأطباء لطلاب الثانوية من الالتحاق بكليات «العلوم الصحية»
تصاعدت الأزمة بين نقابة الأطباء، ونقابة العلوم الطبية، منذ إعلان نتيجة الثانوية العامة هذا العام، وسط تحذيرات متكررة من الأطباء لأولياء الأمور من إلحاق أبنائهم بكليات العلوم الصحية، وعدم الاعتراف بهم كأطباء، وجاء هذا الصراع على خلفية تفسير كل طرف لقرارات الحكومة لصالحه، منها قرار رئيس الوزراء رقم 1399 لسنة 2015، بإنشاء كلية العلوم الصحية التطبيقية بجامعة المنوفية، وكذلك لائحة كلية العلوم الصحية التطبيقية بجامعة بنى سويف.
وتلزم المادة الأولى من قرار إنشاء كلية العلوم الصحية التطبيقية بالمنوفية، الكلية بإعداد «أخصائيين صحيين» مهرة، وعلى مستوى علمى عالٍ فى التقنيات الطبية المختلفة، للعمل كـ«مساعدى طبيب فى تخصصاتهم»، وأن يكونوا قادرين على تقديم خدمات صحية مساعدة عالية الجودة وبكفاءة تنافس المستوى العالمى، راغبين بالتعلم والتطوير المستمر ودفع مسيرة البحث العلمى لمواكبة التقدم العلمى الحديث».
وشملت رسالة الكلية، بحسب اللائحة، «المساهمة فى الارتقاء بالخدمات الصحية من خلال تخريج أخصائيين مساعدين، ليكونوا متخصصين أكفاء ذوى دراية بأساسيات وأخلاقيات المهنة وقادرين على تطويرها، ورفع مستواهم العلمى باستمرار، وأن يكونوا مؤهلين لدخول سوق العمل والعمل مع الفريق الطبى، أو التعاون مع الكوادر الطبية الأخرى والتعامل مع المرضى، واضعين تقديم خدمة عالية الجودة للمجتمع هدفاً نصب أعينهم».
لائحة الكليات تنص على أهمية إعداد مساعد طبيب فى مختلف التخصصات قادر على تقديم خدمات صحية عالية الجودة وبكفاءة تنافس المستويات العالمية.. ومنى مينا: هذه الكليات موجودة بمسميات مختلفة فى عدد من دول العالم وتخرّج «تقنياً طبياً» يعمل تحت إشراف طبيب متخصص
وشددت الأهداف الاستراتيجية للكلية على إعداد كوادر صحية متخصصة فى مجالات الرعاية الصحية المختلفة، تغطى سوق العمل، متميزة بأخلاق حسنة ومهارات علمية وبحثية عالية وقادرة على تنفيذ مهامها فى ضوء احترام أخلاقيات المهنة وتحمّل أعباء المسئولية، وتوفير بيئة أكاديمية وإدارية محفزة للتعلم والإبداع، وتوفير الكوادر الصحية المؤهلة فى شتى المجالات العلاجية والوقائية والتأهيلية التى تلبّى حاجة المجتمع، على أن تكون ذات قدرة تنافسية عالمية، ودعم إجراء ونشر البحوث الطبية التطبيقية التى تسهم فى التقدم العلمى والتقنى، للإسهام بفاعلية فى تنمية وخدمة المجتمع.
وحددت المادة الثانية من القرار واللائحة أهداف البرامج المقدمة من الكلية، أولها برنامج الرعاية الطبية والجراحية الحرجة، بحيث يهدف لإعداد متخصص مساعد فى الرعاية الطبية والجراحية الحرجة، مُلمّ بأسس التعامل مع جميع الأجهزة الطبية المختلفة الموجودة بغرف العمليات التى يحتاجها مرضى الرعاية المركزة فى الرعايات المختلفة جراحية وقلبية وتنفسية وعصبية، لا سيما أجهزة التنفس الصناعى وكيفية وضع المريض عليها، وفطامه منها، وطرق التعامل معها، مع تطوير وتهذيب مهارات التفكير السريرية والحيوية اللازمة للإنجاز الفعال والآمن لطرق الرعاية التنفسية، مع الالتزام بأسس السلامة المهنية، سواء للمساعد أو المريض.
وأكد القرار باللائحة أن برنامج تقنية المختبرات الطبية يهدف إلى إعداد متخصص مساعد بالتحاليل الطبية قادر على إعداد وتحضير العينات الطبية بمعظم صورها بدقة وسرعة، وتشغيل والتعامل مع أجهزة التحليل الطبى، مع الالتزام بأسس السلامة المهنية له وللمريض. ويهدف برنامج صحة المجتمع والبيئة والسلوكيات الصحية إلى إعداد متخصص بصحة المجتمع والبيئة، قادر على التعامل وتحليل مشكلات المجتمع الصحية والنفسية، مُلم بالصحة الوقائية والبيئية والسموم وأسس التغذية السليمة فى الصحة والمرض، على أن يكون عنصراً فاعلاً فى تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية، أما برنامج الإدارة الصحية وتقنيات المعلومات الإدارية فيهدف لإعداد متخصص بعلوم الإدارة الصحية وتقنيات المعلومات الإدارية الصحية، مُلم بالهيئات الصحية والقوانين التى تحكمها، قادر على التعامل مع التقنيات التكنولوجية.
وقالت الدكتورة منى مينا إن هذه الكليات موجودة بمسميات مختلفة فى العالم، ككلية العلوم الصحية كما فى الكليات الحكومية، وكلية العلوم الطبية التطبيقية كما هو الحال فى جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيات الخاصة، وكلية علوم المختبرات الطبية بالسادات وكلية علوم الأشعة الطبية أيضاً، مضيفة أنه مهما اختلف اسم الكلية فإنها تنتج تقنياً طبياً فى تخصصات مختلفة، ويعمل تحت إشراف طبيب متخصص.
وأضافت «مينا» أن مسمى الدرجة العلمية لهذه الكليات بكالوريوس تكنولوجيا المختبرات الطبية أو بكالوريوس تكنولوجيا الأشعة والتصوير الطبى، وهو المتبع فى الدول المتقدمة مثل كندا والولايات المتحدة، وعلى هذا الأساس تم إنشاء كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا.
وقال الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن محاولة منح لقب أخصائى يعد أمراً فى غاية الخطورة، خاصة أن خريجى هذه الكليات بعد 4 سنوات فقط تنصبّ دراستهم فى إطار الأمور التكنولوجية التى تتعلق بالأجهزة دون دراسة مجال الطب، كما أننا لا ننكر دورهم وأهميتهم فى المنظومة الطبية، ولكن مسمى «طبيب وأخصائى» أمر غير مقبول، لأنه بموجب هذا اللقب سيفتح باب مزاولة مهنة الطب بالمخالفة للقوانين، علاوة على أن المريض المصرى يسلم حياته لغير المتخصصين ما يشكل خطورة على المريض.
وأضاف «الطاهر» أنه إذا سمح ذلك يعنى أنه بعد دراسة 4 سنوات فقط يأخذ لقب طبيب ومتخصص، فى حين أن زميله فى الطب يأخذ 17 عاماً حتى يأخذ لقب طبيب متخصص، ناهيك عن مضاعفة مصاريف هذه الكليات، وزيادة عددها بدلاً من 5 قد تصل لـ20 كلية بالجامعات الخاصة، وأنه للأسف الشديد فإن أصحاب البيزنس والمصالح الخاصة هم وراء الاتجار بصحة المواطن المصرى.
وأكد أن القضية ليست قضية نقابة الأطباء فحسب، بل الأزمة فى التعدى الصريح على مهنة الطب والأطباء نتيجة التربح من وراء هذه المهن، أبسطها امتناع الأطباء عن التدريس فى هذه الكليات، وهذا تم بالفعل فى أحد مجالس الكليات فى بنى سويف، وقد تصل الأمور لحد التصعيد، وكل أمور التصعيد مطروحة، وصحة المريض المصرى خط أحمر حيث نرفض التلاعب به لجنى الملايين بشكل بخس.
وقال الدكتور محمد عبدالحميد، أمين صندوق نقابة الأطباء، إن النقابة خاطبت كلاً من رئيس لجنة القطاع الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات، الدكتور حسين خالد، والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وأكدت أن هناك حملة تستهدف التشبث بمسمى أخصائى لجميع خريجى هذه الكليات، ما ينذر بقوة عن مخاطر وكوارث على المرضى جرّاء منح لقب أخصائى لغير الأطباء، فضلاً عن حدوث خلط لدى المرضى حيث يسلم المرضى أنفسهم للتشخيص والعلاج لغير أطباء.
وأكد «عبدالحميد» أن الخطاب أشار إلى أن هذه التعديلات ستفتح باب ممارسة الطب لأشخاص غير أطباء بالمخالفة للمادة رقم 1 من قانون مزاولة المهنة الذى يحظر «إبداء أى مشورة طبية أو عيادة مريض أو أخذ عينة من عينات جسم الإنسان إلا للأطباء البشريين فقط حفاظاً على صحة المواطن».
وأوضح أن التعديلات تعد مخالفة للمادة 11 من نفس قانون مزاولة المهنة رقم 415 لسنة 1945 التى تنص على كل شخص غير مرخص له فى مزاولة مهنة الطب يستعمل نشرات أو لوحات أو أى وسيلة أخرى من وسائل النشر، إذا كان من شأن ذلك أن يحمل الجمهور فى اعتقاد أنه يزاول مهنة الطب. وشدد على ضرورة إعطاء خريجى هذه الكليات أى مسمى آخر غير أخصائى لمنع الخلط بين مسميات أطباء وغيرها، وحتى لا يؤدى ذلك لإضفاء درجات علمية وهمية وممارسات غير قانونية لمهنة الطب وإلحاق الضرر بالمواطنين، لافتاً إلى أن النقابة خاطبت أيضاً وزير الصحة، مطالبة بالسرعة فى اتخاذ ما يراه مناسباً من مخاطبة الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، بما يضمن مصلحة المريض، والمنظومة الطبية فى مصر.
بالبلدي | BeLBaLaDy
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" الوطن "
0 تعليق