| أفلام حسين كمال السياسية.. أحدها شاهده عبد الناصر مرتين حتى اقتنع بعرضه | BeLBaLaDy

التحرير الإخبـاري 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ملخص

في رصيد المخرج الراحل حسين كمال العديد من الأعمال الهامة في تاريخ الفن المصري، أفلام ومسرحيات ومسلسلات، بينما تُشكل أفلامه ذات الطابع السياسي والاجتماعي علامات فارقة في مشواره.

إن وضعنا قائمة بأهم مخرجى السينما المصرية طوال تاريخها فلا شك أن حسين كمال (المولود في 17 أغسطس 1934 - المتوفى في 23 مارس 2003) سيكون أحد الأسماء التي تحتل مرتبة متقدمة فيها، حيث استطاع تحقيق معادلة إرضاء الجمهور والنقاد معًا، من خلال أعماله، في رصيده 6 أفلام ضمن الأفضل في تاريخ مصر، من بينها "البوسطجي"، الذي يحتل المركز الثاني عشر، و"المستحيل" أول أعماله، أخرج كل ألوان الفن بلا استثناء، الاستعراضي، والكوميدي، والدرامي، والرومانسي، بينما تُشكل أفلامه ذات الطابع السياسي والاجتماعي علامات فارقة في تاريخنا الفني، ومن أهمها:-

شيء من الخوف (1969)

وبينما تمر البلاد بلحظات قاسية في أعقاب نكسة 67 التي لم ينس الشعب العربي مرارتها يومًا، طرح لنا الكاتب ثروت أباظة روايته الأكثر بريقًا "شيء من الخوف"، والتي سرعان ما جذبت حسين كمال ليزيدها خلودًا، ويُحولها إلى فيلم سينمائي من أشهر كلاسيكيات السينما المصرية والعربية قاطبة، وصاحب المركز الـ19 ضمن قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما، وهو من إنتاج عام 1969، من بطولة شادية ومحمود مرسي ويحيى شاهين.

الفيلم تدور أحداثه بقرية "الدهاشنة"، التي يمارس عليها طاغية قهر الرعية، ويسعى إلى جعل حفيده خلفًا له، "عتريس" الطفل ليّن القلب نقي الفطرة عاشق "فؤادة"، الذي يئد جده الفرعون الشفقة في قلبه، لتمر السنوات ولا يستطع الطفل مجابهة بذور الشر التي نثرها الجد في وادي طفولته، ليجعل منه فرعونًا جديدًا، حتى صار أشد بطشًا منه. 

يحاول "عتريس" الزواج من "فؤادة" لعجزه عن إيذائها إثر تحديها له ووقوفها في وجه بطشه بأهالي القرية، تتطور الأحداث ويرضخ والدها لطلب زواجه منها، يفشل الطاغية في استمالة المكرهة على الزواج منه، القرية تثور من أجل تحرير "فؤادة"، الهوان لن يُجدي، تتعالى الصيحات "زواج فؤادة من عتريس باطل.. باطل"، تهرع "فؤادة" إلى المُخلصين، بينما يستفيق "عتريس" على النيران التي تلتهم فِراشه الحريري.

وبمجرد بدء تصوير "شيء من الخوف" تم توجيه اتهام بأنه يحمل إساءة للسلطة، وتم منعه من العرض بعد أن ملأت أفيشاته الطرقات، وانتشرت تقارير تفيد بأن هناك إسقاطًا سياسيًا يربط بين "عتريس" والرئيس جمال عبد الناصر، حتى وقّع مؤلفه أباظة إقرارًا خطيًا بأن "عتريس" ليس المقصود به ناصر، بينما شاهد الأخير الفيلم بنفسه مرتين، حتى اقتنع بإجازة عرضه، قائلًا: "لو إحنا الحرامية وأنا عتريس يبقى مانستاهلش نقعد في الحكم".

ثرثرة فوق النيل (1971)

"ثرثرة فوق النيل"، إنتاج عام 1971، مأخوذ عن الرواية التي تحمل نفس الاسم للكاتب نجيب محفوظ، حوّلها حسين كمال ومعه السيناريست ممدوح الليثي إلى فيلم من أهم أفلام السنيما المصرية، جسد فيه الأديب الكبير حالة اللامبالاة والانكسار والاستسلام للهزيمة في الفترة بعد نكسة 1967، ورمز لمصر بالفلاحة التي ماتت في حادث سيارة بسبب مجموعة من المساطيل، وهو ما يستوجب من الشعب حتمية الانتفاضة التي نادى بها في آخر مشاهد الفيلم للنهوض بالدولة وكسر الهزيمة وتحويلها لنصر، وهو ما تحقق بعد الفيلم بسنتين بعد عبور أكتوبر العظيم 1973.

يستعرض الفيلم، الذي قام ببطولته أحمد رمزي، وماجدة الخطيب، وميرفت أمين، وعماد حمدي، وعادل أدهم، وسهير رمزي، أنماطًا مختلفة لكثير من البشر، ويلخصهم في بضعة أشخاص قرروا الهروب من الواقع إلى عالم خاص بهم مليء بالمخدرات والخمر والجنس والثرثرة الفارغة، التي لا طائل منها، ويجتمعون مساء كل ليلة داخل إحدى العوامات التي ترسو في النيل، فنجد الموظف والمحامي والفنان والصحفي والأديب، اختار وبعناية فائقة الشخصيات التي من المفروض أن يقوم عليها المجتمع وينهض، إلا أن العكس هو ما يحدث، فهؤلاء الأشخاص بدلًا من المواجهة قرروا الهروب من كل شيء حولهم إلى هذا العالم الموبوء.

الصحفية "سمارة" تعرض على الجميع زيارة الجبهة وجنودها البواسل لعلهم يفوقون مما هم فيه، ذهب معها "أنيس" وشاهد الدمار الذي لحق بمدن القناة، فاق وندم على غيبوبته، وتذكر الفلاحة التي ماتت، وعندما عاد للعوامة، حاول ومعه سمارة أن يحث الجميع على إيقاظ ضمائرهم، وقال لهم: "الفلاحة ماتت، ولازم نسلم نفسنا"، ورقص الجميع وطردوا أنيس الذى خرج ومعه سمارة، وقام عم عبده (أحمد الجزيري) غفير العوامة بفك سلاسلها لتنطلق فى النيل بمن فيها، وهم لاهون دليلًا على ضياعهم، وينتهي الفيلم بشعاره الذي يتجاوز العوامة وأفرادها إلى حمل رسالة لجموع المواطنين "فوقوا.. فوقوا".

إحنا بتوع الأتوبيس (1979)

"إحنا بتوع الأتوبيس" فيلم من روائع السنيما المصرية، عن قصة حقيقية مستوحاة من كتاب "حكايات وراء الأسوار" للكاتب جلال الحمامصي، من سيناريو وحوار فاروق صبري، وتدور أحداثه قبل النكسة عام 1966، في إحدى سيارات النقل العام، حيث تحدث مشاجرة بين اثنين من الركاب "جابر" (عادل إمام)، وجاره "مرزوق" (عبد المنعم مدبولي)، من جهة وبين الكمسري من جهة أخرى، لينتهي بهم الموقف إلى الذهاب لقسم الشرطة، ثم يتم الإفراج عن الكمسري بينما يتم حجز جابر ومرزوق عن طريق الخطأ بتهمة معاداة نظام الحكم.

القسم يرسل الثنائي ضمن مجموعة من المعتقلين السياسيين، وفي استقبال الجمع "رمزي" (سعيد عبد الغني) مدير السجن، ويتهم جابر ومرزوق بانضمامهما إلى تنظيم سري مناهض للسلطة ويقومان بتوزيع منشورات تدعو إلى قلب نظام الحكم، ويطلب منهما التوقيع على اعتراف بذلك، لكنهما يرفضان التوقيع ويرددان: "إحنا بتوع الأتوبيس"، يتعرضان للتعذيب، وتحت وطأة الانتهاك الآدمي، يوقعان على المحضر الملفق لهما، وينتهى الفيلم بقيام حرب 1967 وبتمرد المعتقلين في السجن.

يجد الشاويش عبد المعطي (جمال إسماعيل) أن ما يعيشه ما هو إلا زيف، يثور ضد رئيسه "رمزي" ويطلق عليه الرصاص، بينما يُطلق أعوان الأخير الرصاص على المعتقلين والشاويش، ويلفظ "مرزوق" أنفاسه الأخيرة بين يدي "جابر"، وأثار هذا الفيلم ضجة آنذاك حيث تم إنتاجه عام 1979، لأنه يحتوى على 20 مشهد تعذيب طلبت الرقابة حذفها، لكن الكاتب رفض، ومُنع عرضه لفترة إلا أنه عُرض بنهاية الأمر.

آه يا بلد آه (1986)

"آه يا بلد آه" كتبه للسينما مباشرةً سعد الدين وهبة، وأخرجه حسين كمال، والفيلم زاخر بالعديد من المعاني والأفكار الاجتماعية والسياسية، حيث الدعوة التي وجهها للشباب بعدم الهجرة، والبقاء وبناء مستقبل الوطن، معتمدًا في تجسيد هذه الفكرة على شخصيتين رئيسيتين، الأولى هي أيوب (فريد شوقي) الذي ذاق مرار الاستعمار وسيطرته، ووصل بها الحال إلى التشرد والعبثية، والثانية هي مجدي (حسين فهمي) ذلك الشاب الذي يعيش حالة من الحيرة والضياع، والذي يتخذ قرارًا ببيع ممتلكاته بقرية الباشا في البرلس بكفر الشيخ، والهجرة إلى الخارج.

تتكون علاقة صداقة بين الثنائي الذي تجمعهما ليلة صاخبة عند الراقصة السنيورة (تحية كاريوكا)، ويكون أيوب سببًا في إثناء مجدي عن الرحيل والهروب من معاناة الداخل، بعد سلسلة من الأحداث والمواقف المصيرية التي يتعرض لها، خصوصًا بعد تعرفه على أهالي القرية والانخراط في مشاكلهم، فهناك مثلًا الفلاحة والأرملة فريدة (ليلى علوي)، التي تقف وحدها في مواجهة المتسلط رضوان (أنور إسماعيل) عضو الاتحاد الاشتراكي، ينجح مجدي في تحريض الأهالي ضد الإقطاعي المستبد، ويستقر في القرية ليرعى الأرض بعد زواجه من فريدة.

هذه الأفلام هي مجرد مقطوعات مميزة تحمل طابعًا سياسيًا واجتماعيًا من سيمفونية رائعة عزّفها وقدّمها حسين كمال للفن المصري، من خلال أفلام (المساطيل، أبي فوق الشجرة، العذراء والشعر الأبيض، النداهة، بعيدًا عن الأرض، إمبراطورية ميم، أنف وثلاث عيون)، ومسلسلات (نحن لا نزرع الشوك، أفواه وأرانب)، ومسرحيات (حزمني يا، الواد سيد الشغال، ريا وسكينة، علشان خاطر عيونك).. هذه الأعمال وغيرها باقية في ذاكرتنا للمخرج العبقري الراحل، وستبقى.

| BeLBaLaDy

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" التحرير الإخبـاري "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??