تطورات متسارعة داخل المشهد الإعلامي المصري، بإغلاق قنوات، وتسريح عاملين، تؤكد أن خارطة الإعلام بشكل عام قاربت على أن تتغيّر جذريًا، ولا نعلم ما القادم.
إعلام ما قبل مايو 2016، يختلف تمامًا عن إعلام ما بعده، هذه هي الحقيقة التي اكتشفناها أثناء محاولتنا رصد بداية الأزمات في سوق الإعلام، في هذا الشهر أعلن رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، استحواذ شركته إعلام المصريين على كامل أسهم قناة ON المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، وهي الصفقة التي أثارت تساؤلات حول مستقبل القناة نفسها والبرامج الرئيسية فيها ومقدموها، ومستقبل الإعلام الخاص في مصر مع بدء تغير خريطة الملاك، ومنذ ذلك الحين ويتأكد بمرور الوقت أن الصفقة بالفعل كانت أبعد من مجرد صفقة.
في البداية نحاول رصد مراحل التطور التي مرت بها الصناعة منذ تلك الصفقة وحتى الآن..
ON
- أغسطس 2016: أبو هشيمة يعلن عن تعاقد ON مع الإعلامي عمرو أديب بعد رحيله عن مجموعة قنوات "أوربت" المشفرة.
- يناير 2017: أطلقت شبكة قنوات ON إطلالة جديدة لقناة ON LIVE.
- ديسمبر 2017: استحواذ "إيجل كابيتال" برئاسة وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد، على أسهم أبو هشمية، في شركة إعلام المصريين، وإعلان تعيين المهندس أسامة الشيخ، الرئيس الأسبق لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، بمنصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة.
- 2018: الإطاحة برئيس تحرير قناة ON live جمال الشناوي، ثم رئيس القناة أحمد عبد التواب، وتم التعاقد مع الدكتور محمد سعيد محفوظ خلفًا للأول، ومصطفى شحاتة، رئيس قطاع الأخبار بالتليفزيون المصري، خلفًا للثاني، وبعد مرور شهر واحد تم الإطاحة بهما معًا، والاستعانة بخالد مرسي، على أن يكون رئيسًا للقناة والقائم بأعمال رئيس تحريرها، وعلى الجانب الآخر تم الإطاحة برئيس قناة ON E مصطفى السقا، وخلفه الإعلامي عمرو رزق، قبل أن تتم الإطاحة به هو الآخر، ثم نُصِب خالد مرسي رئيسًا للشبكة بقناتيها ON E - ON live.
- فبراير 2018: تقديم أسامة الشيخ لاستقالته من رئاسة مجلس إدارة المجموعة، وتعيين تامر مرسي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، خلفًا له. (للتفاصيل اضغط هـــــــنــــــــا)
- مارس وأبريل 2018: الإطلاحة بثلاثة إعلاميين كبار، وهم الدكتور معتز بالله عبد الفتاح، ولبنى عسل، وشافكي المنيري. (للتفاصيل اضغط هــــــنـــــــــا)
- مايو 2018: إعلان عمرو أديب استقالته على الهواء، ثم تراجعه عقبها بفترة ليُقدّم برنامجه "كل يوم" في شهر رمضان، ثم تعاقده مع قنوات MBC. (للتفاصيل اضغط هــــــــــنـــــــــا)
- الكاتب والإعلامي إبراهيم عيسى كان يُقدّم برنامج "حوش عيسى" على ON E منذ مطلع العام 2018 ومنذ رمضان واختفى عن الظهور.
يوليو 2018: أعلنت شركة "إعلام المصريين" توقف بث ON Live الإخبارية، وإطلاق القناة الرياضية ON SPORT 2.
- ترحيل عمالة: مجموعة ON منذ بداية العام وهي تقوم بعملية فصل لعدد كبير من العاملين بها، وزاد ذلك بالطبع مع إغلاق إحدى قنواتها.
DMC
- سبتمبر 2016: شهد بداية ظهور مجموعة قنوات DMC من خلال قناتها الرياضية DMC SPORT.
- يناير 2017: انطلاق القناة العامة لشبكة DMC.
- سبتمبر 2017: إعلان DMC استعداداتها لإطلاق قناتين جديدتين، الأولى إخبارية والثانية للطفل.
- يوليو 2018: إعلان DMC إيقاف بث DMC SPORT.
ON و DMC
- سبتمبر 2016: إعلان مجموعتي إعلام المصريين، المالكة لمجموعة ON، وDmedia، المالكة لمجموعة DMC، أنه في إطار سعيهما نحو تكوين كيان إعلامي مصري، قادر على المنافسة فقد تم البدء في دمج المجموعتين لإنشاء كيان إعلامي قوي يستطيع استعادة الدور الريادي للإعلام المصري إقليميًا ودوليًا.
- مايو 2017: أنباء عن دمج DMC وON في كيان واحد، وذلك لإيقاف نزيف خسائر الشبكتين.. وDMC تنفي. (للتفاصيل اضغط هــــــــنـــــــــــا)
الحياة
أكتوبر 2017: أعلن السيد البدوي مالك مجموعة قنوات "الحياة"، بيعها بصفة نهائية لشركة "تواصل"، مقابل مليار و400 مليون جنيه.
نوفمبر 2017: الحجز على أرصدة قناة "الحياة" بالبنوك لسداد ديون MBC. (التفاصيل من هـــــــــنــــــــا وهـــــــــــــــنـــــــــا)
مايو 2017: أعلنت شركة إعلام المصريين، استحواذها على شبكة تليفزيون الحياة. (التفاصيل من هـــــــــــنـــــــــا)
أزمة رواتب: تشهد القناة منذ فترة حالة من الارتباك بسبب تأخر سداد رواتب العاملين بها مما أدى إلى الاستغناء عن عدد كبير منهم.
استقالات: استقالة كل من عماد الدين أديب وهالة سرحان وجيهان منصور وغيرهم من العاملين بالقناة والمسئوولين.
تسريح عمالة: تسريح 106 من العاملين والاستغناء عن عمرو الليثي. (التفاصيل من هــــــــــــنـــــــــــــا)
(يمكنك مطالعة هذا التقرير للتعرف على المزيد من أزمة قناة الحياة بالتفصيل.. اضغط هــــــــــنـــــــــا أو هـــــــــــــنــــــــا)
العاصمة
ديسمبر 2016: إعلان شراء رجل الأعمال إيهاب طلعت رئيس مجلس إدارة شركة "شيري ميديا"، شبكة قنوات "العاصمة" من مالكها سعيد حساسين، ثم التراجع في الصفقة بعد أشهر قليلة.
- أغسطس 2017: إعلان سعيد حساسين إتمامه صفقة بيع "العاصمة 1 و2" لصالح شركة "هوم ميديا" التابعة لمجموعة "فالكون".
- يونيو 2016: عودة توفيق عكاشة للظهور من خلال "العاصمة" و"الحياة" بفضل ياسر سليم، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة إعلام المصريين، ورئيس مجلس إدارة قنوات "الحياة" و"العاصمة".
النهار وCBC
مايو 2016: قرر مسئولو شبكتي تليفزيون "النهار" وقنوات CBC، الدخول في شراكة باندماجهما في كيان اقتصادي واحد.
مايو 2017: أعلنت مجموعة شركات المستقبل المالكة لـ"فيوتشرميديا" ووكالة الأخبار العربية ANA، انفصال قنوات CBC وشركاتها نهائيًا وتمامًا عن قنوات "النهار" وشركاتها، موضحة أن السبب اختلاف في الرؤى وسياسات إدارة القنوات، بعد اندماج لم يدم أكثر من عام.
- كل القنوات سعت خلال الفترة القليلة الماضية، خاصةً في شهر رمضان، لتمييز خرائطها بالمسلسلات والبرامج، إلا أن قنوات "النهار" تكتفي بعدد قليل من المسلسلات والبرامج، بهدف ترشيد النفقات.
يناير 2018: أنباء عن بيع رجل الأعمال علاء الكحكي لقناة "النهار" لـ"إيجل كابيتال".. ومصادر تنفي.
- أبريل 2018: الإعلان عن تعيين المنتج طارق صيام في منصب رئيسًا لمجلس الإدارة، ومحمد عبد الوهاب مديرًا تنفيذيًا لشبكة تليفزيون "النهار".
- مايو 2018: أنباء عن بيع CBC.. ومالكها رجل الأعمال محمد الأمين ينفي. (للتفاصيل اضغط هــــــنـــــا)
ملاحظاتلعلك عزيزي القارئ لا تفهم مثلنا ماذا يحدث لمهنة الإعلام في مصر، وما كل هذه التغييرات، ولماذا يتم إغلاق كثير من القنوات حتى رغم نجاحها مثل DMC SPORT، ولماذا أصبحت الصناعة تضيق ذرعًا بأهلها إلى هذا الحد، حاولنا في هذا التقرير أن نجد إجابةً لتلك التساؤلات.
عدة صفقات تم الإعلان عنها، والمؤكد أن الكثير لم يُعلن عنه، تتحكم في هوية وشكل الإعلام في مصر حاليًا وبالفترة المقبلة، والتي صارت تؤكد أن سوق الإعلام يتجه للانكماش الشديد لأسباب متعددة، أهمها الأزمة الاقتصادية، وانخفاض كعكة الإعلانات، خاصةً على البرامج السياسية التي لم تعد أيضًا جاذبةً للجمهور كما كان في السابق، ومن الواضح أيضًا أن بورصة الأسعار تتعرض للركود الشديد خصوصًا لكبار الإعلاميين، فمن كان يتقاضى عشرة ملايين جنيه سنويًا، تفاجأ أن المبلغ انخفض إلى النصف تقريبًا مثلما حدث معًا مع الإعلامية لبنى عسل قبل رحيلها عن ON، حيث تم تخفيض الراتب إلى النصف تقريبًا، وأمام كل تلك التحديات، عدة وسائل إعلام وجدت نفسها مضطرة إلى البحث عن مساحات أخرى غير السياسة للتركيز عليها، وأكبر دليل على ذلك مثلًا إغلاق قناة ON LIVE في مقابل اطلاق قناة ON SPORT 2.
الإعلامي عماد أديب ذكر في مقال له في "الوطن" (مايو 2015)، أن "هناك مؤشرات رئيسية تقول إن كل الإعلاميين الكبار الذين دخلوا في حالة تحدٍ مع الحكومة وأجهزتها من المحتمل أن يجدوا أنفسهم في حال تجميد قريبًا، لن يكون ذلك معلنًا بالطبع أو عبر قرار منشور، لكن سوف يشعر بها الجميع، وستكون رسالة لكل من يفكر في التمرد والتحدي".. يبدو أن ذلك أصبح واقعًا بالفعل من خلال اختفاء العديد من الوجوه المعروفة والتي لا داعي للاستغراق في ذكرها.
ماذا يحدث؟هاتفنا الدكتور ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامي، وطلبنا منه تحليلًا لما يجري حاليًا في الساحة الإعلامية، فذكر أن صناعة الإعلام في مصر تمر بأزمة حقيقية، على أصعدة الإدارة والتمويل والمحتوى، موضحًا أنه ربما تكون هذه الأزمة هي أكبر الأزمات التي شهدتها الصناعة منذ بدء الازدهار في تسعينيات القرن الماضي.
عبد العزيز يُضيف لـ"التحرير"، "رأينا ازدهار في الصناعة على مستوى الملكية والتمويل اعتبارًا من منتصف تسعينيات القرن الماضي، وحتى العام 2013، حقبة الازدهار تلك انطوت على عوامل ضمور، وبالتالي في السنوات الأربع الأخيرة دخلت الصناعة في نفق مظلم، ولا توجد بوادر ضوء في المدى المنظور، وعدّد عبد العزيز أسباب الأزمة، وقال إنها 4، وأرجعها جميعًا إلى عنصر رئيسي واحد، وهو تراجع تمويل الصناعة، لأسباب هي: -
- خروج المال السياسي، حيث كان يأتي هذا المال من دول وجماعات من أجل اتخاذ مناطق ارتكاز في مصر.
- تراجع ومراجعة إنفاق الدولة في المجال الإعلامي، ولا يخفى أن الدولة كانت أحد المُنفقين الكبار.
- تدهور عائدات صناعة الإعلانات بسبب المشكلة الاقتصادية، وهي المورد الحيوي لصناعة الإعلام.
- أنماط الملكية السائدة داخل قطاع الإعلام في مصر لا تعرف قدر مناسب من التعدد والتنوع، وغياب التنوع والتعدد يُصيب الصناعة بالبوار.
يختتم حديثه إلينا قائلًا: "عوامل ازدهار الصناعة في الفترة السابقة لم تعُد موجودة خلال السنوات الأربع الأخيرة، والصناعة حاليًا في نفق، وأظن أن فترة بقائها داخله ستطول".
"هل من جملة واحدة تلخص بها الأزمة يا دكتور؟"، أجاب: "صناعة الإعلام في مصر ترتكز على التمويل السياسي كدُعامة أساسية، وهذا التمويل لم تعُد هناك فرصة أو حاجة له".
طرحنا سؤال "ماذا يحدث داخل مدينة الإنتاج الإعلامي من إغلاق قنوات وترحيل عمالة؟" على الدكتور أسامة هيكل، رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي والنائب البرلماني، وهكذا جاء رده باستنكار: "وإحنا إيه دخلنا كمدينة؟ دي شركات خاصة وعليكم بسؤالهم لماذا يغلقون أبوابهم، أما بالنسبة لنا فليس لنا دخل، كل شركة من حقها أن تعمل أو تنهي عملها، ليس لدي رد، هؤلاء عملاء لدى المدينة ولا يصح أن اتكلم عنهم".
خالد مرسي، رئيس قناة "النهار" سابقًا، وON حاليًا، طرحنا عليه سؤال "سوق الإعلام رايح فين؟"، فأجاب باختصار: "الله أعلم"، نستطرد ونقول له: "قنوات بتقفل وعمّالة بتمشي.. الجاي إيه؟"، فيرد بنفس الإجابة: "بجد الله أعلم.. السوق مضطرب جدًا.. وبأمانة محدش عارف رايح فين".
حاولنا التواصل مع الإعلامي عمرو الليثي، رئيس شبكة قنوات "الحياة"، إلا أنه أخبرنا بعدم مقدّرته الحديث في الفترة الحالية لتأثره بوفاة والد زوجته الإعلامي سمير التوني مؤخرًا.
تواصلنا أيضًا مع الدكتور محمد خضر، رئيس قناة "دريم" حاليًا، و"المحور" وTEN سابقًا، وطلبنا منه أن يُجيبنا، إلا أنه أخبرنا بمعاناته من آلام حادة في الأسنان ولأجلها لا يستطيع الحديث.
تطورات متسارعة، تؤكد أن خارطة الإعلام المصري بشكل عام قاربت على أن تتغيّر جذريًا، ولا نعلم ما القادم.
بالبلدي | BeLBaLaDy
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" التحرير الإخبـاري "
0 تعليق