آمال قديمة جددها الإعلان عن تدشين شركة السينما تحت مظلة الشركة القابضة للصناعات الثقافية، التى ستعيد الأصول المملوكة للدولة وتضعها تحت تصرف وزارة الثقافة لتديرها بالطريقة التى تناسبها، وتحقق منها الاستفادة فيما يتعلق بصناعة السينما.
غموض تفاصيل المشروع وعدم الإفصاح عن محاوره، خلق حالة من القلق لدى السينمائيين، فرغم إيمانهم بأهمية تلك الخطوة ومدى قدرتها على تحقيق طفرة فى مجال الصناعة إذا تم توظيفها جيداً، إلا أنهم يخشون من ألا تحقق تلك الخطوة الأمل المرجو منها على أرض الواقع.
ويرى المخرج «مجدى أحمد على» أن تدشين الشركة القابضة يعد خطوة إيجابية بالنسبة لصناعة السينما، نتيجة جهود ضخمة بذلها السينمائيون فى استعادة أصول السينما الضخمة إلى وزارة الثقافة، والتى تضم استوديوهات ومعامل ودور عرض سينمائى، «هذه خطوة إيجابية نحو استعادة الدور التنويرى للدولة، قد تؤدى إلى نهضة فى الصناعة».
وأضاف «على» لـ«الوطن»: «حتى الآن لا تتضح آليات عمل الشركة وهيكلها التنظيمى وإدارتها التى يجب أن تكون على قدر عال من الشفافية بعيداً عن المصالح والمجاملات، من خلال الاستعانة بالمتخصصين فى مجالات السينما وصناعتها، خصوصاً أن هناك بعض الأصول فى حالة سيئة مثل دور العرض المهدمة التى تحتاج إلى إعادة بناء». وتابع: «هناك علامة استفهام أمام عمل الشركة، بعدما تمت إضافة تخصصات أخرى عليها، فهى لا تعد مقتصرة على السينما فقط، بل أصبحت تضم الثقافة والحرف التراثية اليدوية، وبالتالى نحن فى حاجة إلى توضيح طريقة عمل الشركة، ونأمل أن تكون إدارتها مبنية على أسس اقتصادية واضحة».
«على»: خطوة إيجابية نحو استعادة الدولة لدورها التنويرى.. و«عبدالعزيز»: وجودها ضرورى لإنهاء تحكم المنتجين فى دور العرض ويجب منحها صلاحيات
من جانبه، قال المخرج عمر عبدالعزيز، رئيس اتحاد النقابات الفنية، إن تدشين الشركة خطوة مهمة نحو تعزيز صناعة السينما: «نادينا بإنشاء الشركة منذ فترة طويلة، ومع الإعلان عن تأسيسها نتمنى أن يتم منحها صلاحيات للعمل بفكر جديد، حيث يتم استغلالها بالصورة الأمثل، على سبيل المثال دور العرض يتم هدمها وإعادة إنشائها على هيئة مجمعات تجارية، فلا يوجد فى العالم ما يعرف بقاعة سينما تضم ألف كرسى، لتصبح قاعات أصغر تضم 150 كرسياً، وبالتالى هذا المشروع سيصبح استثمارياً يمكن تحقيق عائد ربحى منه».
وأكمل: «الشركة تعيد دور الدولة سواء فى الإنتاج أو التوزيع، لا سيما فى ظل غياب العدالة فى عرض الأفلام التى تتحكم فيها علاقة المنتج بصاحب دور العرض، ولكن قيام الشركة بهذا الدور يحتاج إلى جهد فى إعادة تطوير السينمات وشراء آلات عرض جديدة، بالإضافة إلى التوزيع الخارجى للأفلام المصرية، الذى يقتصر الآن على دول عربية محدودة».
وأضاف: «فى وقت سابق كان يتم توزيع الأفلام المصرية فى مختلف الدول حول العالم، وبالتالى وجود الشركة سوف يعمل على إعادة هذا الدور وبشكل استثمارى بعيداً عن الشكل القديم، ومع ذلك نحن فى حاجة لوجود رؤية واضحة لآليات عمل الشركة بالتزامن مع وجود استشارات من الجهات الفنية، والخبراء السينمائيين الفاعلين فى هذا المجال».
«العدل»: لا يمكن الحكم على نجاحها طالما لا توجد معلومات عنها.. و«عبدالسيد»: نية طيبة ننتظر تفعيلها على أرض الواقع.. و«عبدالخالق»: مشاركة القطاع الخاص تفتح الباب لشبهة المجاملات.. و«مندور»: لها مهمة مجتمعية.. ودورها فى إعادة قوة مصر الناعمة يتوقف على رؤيتها
أما المنتج الدكتور محمد العدل، فقال: «لا توجد أى معلومة متوافرة عن الشركة بالشكل الكافى، فهناك حاجز من السرية حولها، وبالتالى لا يمكن الحكم على مدى نجاحها فى تقديم خطوات إيجابية، والقيام بدور فاعل فى دعم صناعة السينما». وقال المخرج داوود عبدالسيد، إن قدرة شركة السينما على تغيير مسار الصناعة يتوقف على مدى جديتها، موضحاً: «هناك احتمالات بأن تكون الشركة مجرد سراب، ولن نستطيع الحكم على هذا إلا عندما نرى عملها على أرض الواقع، ووجودها فى الواقع لا يقتصر على قرار تأسيسها فحسب، ولكن على طبيعة عملها».
وأكمل: «بلد بحجم مصر تمتلك مركز السينما فى المنطقة العربية، وتنتج أفلاماً منذ ما يزيد على الـ100 عام، ليس لديها أرشيف سينمائى، ولم يتم تأسيسه حتى الآن بعد مجموعة كثيرة من الوعود، ولذلك لا نستطيع الحديث عن الشركة القابضة للسينما، إلا عند تأسيسها فعلياً، وحتى الآن هى لا تتعدى كونها نية طيبة، نتمنى أن تصل إلى كونها فعلاً حقيقياً».
وأضاف: «الاختيار الجيد للقائمين على الشركة من الخبراء والمتخصصين هو جانب واحد، ولكن هناك جوانب أخرى لا يمكن إغفالها، منها وجود إرادة حقيقية فى دعم الصناعة، بالإضافة إلى معايير حرية اختيار الموضوعات التى سيتم إنتاجها أو دعمها فى السينما أو المسرح، خصوصاً أن الرقابة فى الوقت الحالى أصبحت ليست حرة فى مسألة قبول الأفلام، ولذلك ننتظر التنفيذ الفعلى لنرى الصورة كاملة».
وقال المنتج هشام عبدالخالق إن هناك مجموعة فنية كانت تدير دور العرض المملوكة لوزارة الثقافة منذ عام 2003، أما الاستوديوهات فكانت تديرها شركات أخرى، ولكن تم إعادة الأصول إلى الوزارة مجدداً لتقوم هى بإدارتها من خلال إنشاء شركة جديدة، وهو الأمر الذى يطرح مجموعة من التساؤلات، على حد تعبيره، قائلاً: «ما الفرق الذى سوف تشكله تلك الشركة فشركة مصر للصوت والضوء كانت موجودة بالفعل، ولكنهم قالوا إنها سوف تكون بمقومات خاصة يشارك فيها القطاع الخاص، وهو ما يفتح الباب لوجود شبهة مجاملات، لأنه تم التعاقد مع إحدى شركات القطاع الخاص».
وأضاف: «نريد من وزارة الثقافة رعاية السينما، وحتى تقوم بذلك يجب مراعاة جانبين، الأول متعلق بالأدوات التى تتضمن المعامل والاستوديوهات ودور العرض، أما الثانى فهو خاص بالآليات، المشكلة ليست فى نقص دور العرض ولكن فى الآليات التى يجب رعايتها لدعم الإنتاج من خلال خفض الضرائب، وتسهيل الإجراءات وغيرها، نحن فى حاجة إلى قوانين داخلية لتنشيط الصناعة، ويجب دراسة أوجه القصور فى الإنتاج، لأنها أصبحت مكلفة بدرجة كبيرة، والإيرادات الداخلية لا تكفى تكلفة الإنتاج والتوزيع الخارجى محدود».
وتابع: «من الطبيعى أن تعود الأصول لوزارة الثقافة لإدارتها مع معرفة مَن رئيسها والمساهمين بها، وعند البحث عن المستفيدين سنجد أنهم أفراد وليست الصناعة، أضعف الإيمان أن تساعدنا الدولة فى مواجهة القرصنة، والنتيجة ستكون فعالة وأقوى من تدشين الشركة القابضة، أو تكوين جهة مسئولة عن التوزيع الخارجى للأفلام المصرية فى الدول العربية وحول العالم، فهذا سيحل مشكلة تواجه المنتجين فى الحصول على إيرادات جيدة لأفلامهم تشجعهم على تقديم أفلام طوال الوقت».
وفى سياق متصل، قال المخرج والمنتج شريف مندور: «الشركة لها مهمة مجتمعية، تنبع من التزامها بتقديم نوع من الأفلام السينمائية لا يقدمه القطاع الخاص، فتأسيسها بمثابة إعلان الحرب على تلك الأفلام دون المستوى التى تسىء إلى المجتمع المصرى، وبالتالى الحل يكمن فى وجود نوع موازٍ من السينما توجد به مصر على الساحة الدولية الثقافية، وتشارك على أثره فى مهرجانات سينمائية حول العالم، وجهود المركز القومى للسينما متوقفة حالياً، ولا يوجد دعم للأفلام، وبالتالى تتولى الشركة هذا الدور».
وأضاف: «أعتقد أن الشركة ستقوم بدور مهم فيما يتعلق بدور العرض المملوكة للدولة، من خلال عرضها للأفلام التى لا يقبلها أصحاب دور العرض من القطاع الخاص، فمن غير المنطقى أن يدخل فيلم مصرى فى المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائى، مثل «يوم الدين» للمخرج أبوبكر شوقى، ولكن للأسف فرص عرضه جماهيرياً فى مصر كانت شبه معدومة، وبالتالى نحن نحتاج إلى حل بعيد عن المحاولات الفردية مثل سينما (زاوية)، لتصبح محاولات للدولة تعمل على الارتقاء بالذوق العام بأسعار تذاكر مخفضة، ما يشجع الجمهور على مشاهدة نوعية مختلفة من المواد السينمائية، يمكن أن يكون لها جمهور كبير مستقبلاً».
وعن رؤيته لمستقبل الشركة، أوضح: «لا نستطيع الحكم عليها إلا بعد الإعلان عن سياساتها وتوجهاتها، فهناك أزمة فى التواصل فيما يتعلق بالمعلومات المتاحة عنها، ومع الإعلان عنها نستطيع تقييمها بشكل أوضح، فهل ستكون مؤسسة عامة للسينما تقوم بإنتاج أفلام سينمائية يتم طرحها فى دور العرض وبيعها للقنوات التليفزيونية، ونستطيع من خلالها إعادة قوة مصر الناعمة مرة أخرى؟، فالإجابة عن هذا التساؤل تتوقف على خطة ورؤية الشركة».
بالبلدي | BeLBaLaDy
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" الوطن "
0 تعليق