طائرة ورقية مصنوعة من الأكياس البلاستيكية وبعض من قطع الورق، تحمل في ذيلها شعلة نار تسقط في أرض العدو المحتل وتحرقها"، استطاعت في الآونة الأخيرة أن تقلق وتزعج المحتل الإسرائيلي، وتكبده خسائر بملايين الدولارات.. إنها طائرة المقاومة الورقية الحارقة والتي باتت أحد أسلحة المقاومة الهامة..
الطائرات الورقية الحارقة والتي تعد أحد إبداعات "مسيرات العودة الكبرى" التي انطلقت نهاية مارس الماضي، تحولت في الفترة الأخيرة من لعبة بيد الأطفال إلى سلاح فتاك بيد المقاومة وشبابها، استطاعت هزيمة "قبة الاحتلال الحديدية"، وإلحاق هزائم في القطاع الاقتصادي للاحتلال.
وبعد شهر من الحديث عن ظهور الطائرات الورقية الحارقة، وتكبدها خسائر للجيش الإسرائيلي، بدأ الأخير بدفع طائراته الحربية "إف 16" لمواجهة تلك الطائرات الفلسطينية..
فخلال الساعات 24 الماضية أعلن جيش الاحتلال تحوله لمواجهة الطائرات الورقية بالقصف بطائراته الحربية، التي قصفت أهدافا في قطاع غزة، بعد أن عجز عن وقف حرب الطائرات الورقية التي يصنعها فتيان فلسطينيون من الورق والخيوط.
ولم يتردد الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي في الإعلان عن قيام جيشه بتنفيذ غارات "بالقرب من الخلايا المسؤولة عن إحراق مناطق في (إسرائيل)، كما نفذ ضربات ملموسة ضد بنية تحتية تساندها".
أمن الاحتلال
وتهدد الطائرات الورقية البسيطة أمن واقتصاد (إسرائيل)، فقد حقق السلاح الجديد للمقاومة نتائج لم تحققها المواجهات العسكرية على مدى تاريخ المقاومة المسلحة.
وتصاعدت لغة القلق من الطائرات الورقية في الأيام الأخيرة بشكل لافت، فإضافة إلى حرب التصريحات والقرارات التي أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، باتت سبل مواجهة حرب الطائرات الورقية بندا ثابتا في اجتماعات المجلس الأمني الوزاري المصغر.
وخلال الاجتماع الأخير للمجلس، أبلغ رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي جادي إزنكوت أعضاءه بضرورة معاقبة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على استمرار إطلاق هذه الطائرات، لا أحد غيرها.
وتصريح إزنكوت جاء بعد أيام من مطالبة مسؤولين إسرائيليين، من بينهم وزير الزراعة، بإطلاق النار على مطلقي الطائرات الورقية.
وإضافة إلى القلق الأمني المتصاعد جراء إطلاق هذه الطائرات، والمخاوف من أن تحمل قنابل متفجرة في المستقبل، إضافة إلى إشعالها حرائق بالقرب من مواقع عسكرية، فإن القلق الأكبر الذي باتت تعبر عنه مختلف الدوائر في (إسرائيل) يتمثل في الخسائر الاقتصادية الكبيرة، لا سيما مع الارتفاع المستمر في وتيرة إطلاقها.
فصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قالت في تقرير لها الأسبوع الماضي إن معدل الطائرات الورقية الحارقة التي تطلق من قطاع غزة زاد من عشر إلى عشرين طائرة يوميا، مما تسبب في ارتفاع واضح في حجم المساحات الزراعية التي احترقت في مستوطنات غلاف غزة.
حرق الأراضي الزراعية
وقدّر تقرير للقناة الإسرائيلية الثانية مطلع الشهر الجاري حجم الأراضي الزراعية التي تسببت هذه الطائرات البدائية في إحراقها بأنها تمثل ربع المساحات المزروعة على الشريط الحدودي مع القطاع المحاصر.
التقرير نقل عن رئيس بلدية النقب الغربي داني بن ديفيد أن "الطائرات الورقية الحارقة تسببت في إتلاف آلاف الدونمات بما يقابل مئات الآلاف من الشواكل الإسرائيلية"، واصفا هذه الخسائر "بالحرب الحقيقية" التي قال إن الجيش الإسرائيلي لا يملك أي وسائل لمواجهتها.
المحامي والحقوقي الفلسطيني عبد القادر النعماني قال، إن الطائرات الورقية الحارقة تشغل بال الرأي العام الصهيوني أكثر من أي شيء الآن، وذلك لكونها باتت سلاحا فتاكا ومدمرا في يد المقاومة الفلسطينية، والذي يعد أحد إبداعات مسيرات العودة الكبرى.
وأوضح الحقوقي الفلسطيني لـ"مصر العربية" أن قادة الاحتلال قلقون من تلك الطائرات، حتى الولايات المتحدة الأمريكية قلقة منه، وباتت على رأس أجندة المبعوثين الأميركيين الباحثين عن التهدئة في غزة، والحديث عن خطط أمريكية للتهدئة.
وتابع: طائرات غزة لم يعد بمقدور أحد إيقافها، فهي أحد أسلحة المقاومة، التي لا يمكن إدانتها بشكل رسمي، كما أنها أحد وسائل الدفاع عن النفس في وجه المجازر الإسرائيلية ضد شعبنا الفلسطيني.
انتفاضة جديدة
فيما قال غازي فخري، عضو المجلس الوطني الفلسطيني، إن الشباب الفلسطيني أصبح وقود الانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي بعدما تخلت الفصائل عن احتضانها للانتفاضة.
وأضاف في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" أن جميع الفصائل الفلسطينية أصبحت تبحث فقط عن مصالحها الذاتية والفئوية، وتجيد إشغال الشعب الفلسطيني بوعود لا تطبق على أرض الواقع بخصوص المصالحة والرجوع للقضية من جديد.
وأوضح أن ما يحدث في فلسطين أطلق عليه البعض هبة ولكنها في حقيقة الأمر انتفاضة يقوم بها الشباب بعيدا عن الفصائل الفلسطينية المشغولة أساسا بخلافاتها.
من جهته، اعتبر المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ستعتمد "إطلاق البالونات المتفجرة والطائرات الورقية الحارقة كخيار إستراتيجي" خلال الفترة المقبلة، فيما كشف أن القيادة العسكرية للاحتلال أوصت المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، تجنب الرد بقوة والحرص على عدم تجاوز الخط حتى لا يؤدي ذلك إلى تصعيد عسكري في القطاع، بات وشيكًا وتعددت أسبابه، رغم المؤشرات التي تدل على أن جميع الأطراف تسعى لتجنبه.
وقال هرئيل في مقال نشر على الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس"، قبل يوم، إن القيادات العسكرية أوصت بعدم استهداف القيادات الميدانية لوحدة الطائرات الورقية الحارقة التي يتم إطلاقها من غزة باتجاه المناطق المحيطة بالقطاع، رغم الخسائر التي تسببها، حتى لا يتسبب ذلك بـ"فوضى عارمة" وتصعيد شامل قرب السياج الأمني المحيط بغزة.
وأضاف هرئيل إن التقديرات العسكرية الإسرائيلية تشير إلى أن خيار الطائرات الحارقة بات خيارًا إستراتيجيا لفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، وذلك للتكلفة الزهيدة وسهولة الاستخدام والتجهيز والتحضير لصنع الطائرات الورقية التي تربط بأجزاء حارقة وسريعة الاشتعال، ولما يحققه ذلك من خسائر مادية وأثر سلبي في نفوس سكان ما يعرف إسرائيليًا بـ"غلاف غزة".
مسيرات العودة
وأشار إلى أن ذلك (إستراتيجية الطائرات والبالونات الحارقة)، تشكّل "بعدما أنهك قمع الاحتلال الإسرائيلي المشاركين في مسيرات العودة"، المدنية السلمية الحاشدة التي انطلقت في الثلاثين من مارس الماضي، "وصعوبة مواصلة التحشيد لها"، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل شهر رمضان ومناسبة العيد، وما اعتبره من "استنفاذ" للمناسبات الذكريات الوطنية الفلسطينية التي تساعد على التعبئة.
ويعتبر المحلل العسكري للصحيفة الإسرائيلية، أن خسائر الحرائق التي اندلعت جراء سقوط الطائرات الحارقة بمزارع "غلاف غزة"، وأتت على آلاف الدونومات الزراعية، تجاوزت الأضرار المادية والمبالغ المالية، والتي تقدر إسرائيليًا بعشرات ملايين الشواكل.
تجدر الإشارة إلى أن القبة الحديدية هي نظام دفاع أرضي متحرك تعمل على تطويره رافئيل للأنظمة الدفاعية المتطورة.
القبة الحديدية
وقد صمم النظام لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية، وقد صمم هذا النظام لاستخدامه في التصدي للصواريخ التي تطلق على الحدود الشمالية والجنوبية لإسرائيل من المقاومة الفلسطينية.
ويقول خبراء عسكريون إن النظام الدفاعي الإسرائيلي الجديد يتمكن من إسقاط الصواريخ على مسافات تراوح بين خمسة كيلومترات وسبعين كيلومترا من مواقع إطلاقها.
ويستخدم نظام القبة الحديدية صواريخ مسيرة بالرادار لاعتراض الصواريخ والقذائف وهي في الجو، وبمقدوره التمييز بين الصواريخ والقذائف التي تستهدف المراكز السكانية وتلك المتوقع سقوطها في الخلاء.
بالبلدي | BeLBaLaDy
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" مصر العربية "
0 تعليق