​

خلال الفترة ما بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر، كان الأطباء يرتدون قناعا ذا منقار لحمايتهم من الأمراض الخطيرة التي انتشرت بين البشر في تلك الفترة، ومنها مرض الطاعون الدبلي والذي عرف باسم "الموت الأسود".

وشهدت القارة العجوز في تلك الفترة، واحدا من أكثر الأمراض فتكًا التي واجهها الجنس البشري، وهو "الطاعون" الذي استمر من القرن الرابع عشر وحتى بداية القرن الثامن عشر، قتل خلالهم ما يقرب من 70 مليون شخص.

في الوقت الحاضر، يصاب ما يصل إلى 3000 شخص بالطاعون سنويًا، لكن بفضل التقدم الطبي أصبح بالإمكان علاج المرض بشكل فعال بالمضادات الحيوية، وفقًا لموقع "thevintagenews".

وبمجرد الإعلان عن ظهور المرض المخيف في 2017، في دولة مدغشقر، أصيب الكثيرون بالتوتر والرعب، بسبب القتلى الذين خلفهم هذا الوباء في العالم، حيث ترك إرثًا من الرعب والبؤس، وكذلك الأشياء المرتبطة بهذا المرض المميت، مثل الملابس الغريبة التي كان يرتديها الأطباء.

ورغم أن الأطباء الرومان كانوا يرتدون ملابس مشابهة من القرن الرابع عشر، إلا أن زي الطبيب الذي يعالج الطاعون أصبح شائعًا في فرنسا في القرن السابع عشر، ولم يكن لدى علماء الطب فكرة عن انتشار المرض بواسطة البكتريا المجهرية، لكن بدلا من ذلك كانوا مقتنعين بنظرية "المياسما"، وهي أن المرض انتشر بسبب الروائح الكريهة التى انبثقت من القمامة، وتعفن جثث الحيوانات والبشر، والمواد غير النظيفة.

وكان العلماء يعتقدون أن الروائح الكريهة قادرة على تلوث الهواء، وإصابة البشر والحيوانات بأمراض قاتلة، ولم يكن الأمر مقتصرا فقط على الطاعون، بل شمل أيضا الكوليرا والملاريا، واستمرت تلك النظريات حتى تم دحضها بواسطة نظرية الجراثيم الدقيقة علميًا".

ويعتبر الطبيب تشارلز دي لورن، طبيب من القرن السابع عشر، المصمم الرئيسي لزي طبيب الطاعون، وكان مشهورًا بممارساته الغريبة، وعلى الرغم من هذا فقد عمل كطبيب شخصي لـ 3 ملوك فرنسيين متعاقبين، هم هنري الرابع ، لويس الثالث عشر، ولويس الرابع عشر.

وصمم "دي لورن"، الزي على غرار الملابس التي يرتديها الجنود، حيث كان المعطف ثقيلا، من الرأس إلى الكاحل، وقفازات وأحذية مصنوعة من جلد "الشامان" و"الموروكان" المشمع، وكان من المفترض أن يقوم الزي بمنع أى اتصال جسدي غير محمي مع المصابين.

وكان أكثر الأجزاء تميزًا من الزي هو القناع الشبيه بالطيور، لمنع مرتديها من استنشاق الهواء ذي الرائحة الكريهة، الذي يُعتقد أنها تنشر المرض، وكان المنقار ممتلئ بالأعشاب الطبية المعطرة، لحمايتهم من مرض الطاعون، كما كان الزي يحتوى على ثقوب وضع فيها نظارات زجاجية مستديرة، وكانت علامة مميزة للطبيب ومهنته.

وحالما ظهر أطباء الطاعون المنقار في شوارع فرنسا، اعتبرهم السكان كرادفين للمعاناة والمأساة، وكان البعض ينظر إليهم باعتبارهم رسل الموت وموزعين عقوبات الله لتقليل تعرضهم للمرض.

وقد استخدم هؤلاء الأطباء خشبة طويلة لفحص نبض المصابين في الشوارع وفحص الحالة المتدهورة لجلودهم، وللدفاع عن أنفسهم ضد جحافل المصابين البائسين الذين يقتربون منهم ويتوسلون لوقف الألم المبرح الذي يشعرون به.

ورغم أن ذلك الزي كان مصمما بطريقة معقدة لحماية مرتديها من الإصابة بالطاعون إلا أن الإصابات بين الأطباء كانت تنتشر، لأنهم عالجوا المصابين بأدوية غير فعالة، ولم يكونوا على دراية بالسبب الحقيقي للمرض، لذلك كانت ملابسهم  المعقدة عديمة الفائدة.

كما أن معايير النظافة في القرن السابع عشر كانت منخفضة للغاية، فإن انتشار الطاعون كان من خلال عدة وسائل مثل انتقال العدوى، ولدغات البراغيث والفئران وتناول الأطعمة والسوائل الملوثة بالمرض، وأصبح أغلب الأطباء الذين يعانون من الطاعون، مرضى بائسين مثل العامة، يحاولون علاج أنفسهم من هذا الوباء.