يواجه السودان للمرة الثانية في تاريخه، خطر التفكك الفعلي، فبعدما قاد الصراع الأهلي الممتد لعقود بين الحكومة المركزية والجنوب إلـى استقلال الأخير في العام 2011، تنذر الحرب الراهنة بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، التي بدأت في إبريل 2023، بسيناريو تفكك جدید، مع استيلاء تلك الميليشيا في أكتوبر الماضي على مدينة الفاشر في دارفور غربي البلاد، في ظل ضعف بنية الدولة السودانية؛ بسبب الصراع التاريخي بين المركز والأطراف على السلطة والثروة والهوية منذ استقلالها في العام 1956.
لقد شكلت معركة «الفاشر» نقطة تحول في الحرب، كونها وسعت سيطرة ميليشيا الدعم السريع على معظم ولايات دارفور وأجزاء من كردفان، لا سيما بعد خسارة هذه الميليشيا العاصمة الخرطوم، والتي استطاع الجيش السوداني حسم معركتها كليا في مايو الماضي؛ ليعزز سيطرته على المناطق الشمالية والشرقية والوسط. منذ ذلك التاريخ، ركزت ميليشيا الدعم السريع وحلفاؤها الإقليميون، خاصة الإمارات، في السيطرة على غرب البلاد، في مسعى لفرض أمر واقع على طاولة المفاوضات المتعثرة، عبر تأسيس أجسام سياسية ومحلية موازية في المناطق الخاضعة للدعم السريع.
ومثلما قاد التفكك الأول للسودان في الماضي إلى بروز ثغرة استراتيجية للأمن القومي المصري من جهة جواره الجنوبي، دفعت القاهرة ثمنها لاحقا في إدارة الأزمة المائية في حوض النيل، عندما صدقت جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي في يوليو ،2024، والتي تضر بالمصالح المائية المصرية، فإن احتمال التفكك الثاني للسودان قد ينذر بما هو أخطر على مصر، ليس فقط من منظور التماس الحدودي، ومخاطر تدفقات الأسلحة واللاجئين والبؤر الإرهابية، إنما على مستوى إقليمي أكثر تعقيدا، بفعل تداخل الأزمات وتشابك الفاعلين في الصراعات الراهنة في المنطقة.
من هنا يصبح السؤال المركزي ما هي الخيارات المصرية إزاء هذه القضية الأساسية للقاهرة، وبالطبع يسبق ذلك سؤال الداخل وهو ما يعانيه السودان من جراء هذه الأحداث التي تعصف به وبكيانه والإمكانيات المتاحة أمامه للخروج من هذا المأزق الوجودي. هنا هذا الملف يسعى لطرح الأزمة من كافة جوانبها سودانيا ومصريا وإقليميا.
لقراءة الملف كاملا:
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" masr360 "












0 تعليق