بالبلدي : إنسانية الرئيس عبد المجيد تبون

بالبلدي 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
إنسانية الرئيس عبد المجيد تبون

صالح أبو مسلم

صالح أبو مسلم

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي تولي رئاسة الجزائر منذ ١٩ ديسمبر ٢٠١٩، ثم فوزه بولاية رئاسية ثانية عام ٢٠٢٤، يؤكد دومًا عبر المحافل الدولية علي موقف الجزائر الصارم تجاه القضية الفلسطينية، هذا الموقف الثابت الذي لن يتغير، أو أن تستدرج الجزائر فيما يسمى بالتطبيع الإبراهيمي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويثبت الرئيس تبون دوماً أن القضية الفلسطينية على رأس أولويات الجزائر.

وتنبع إنسانية هذا الرئيس بسبب مواقفه المعتدلة مع شعبه، وإفراجه خلال المناسبات الدينية والوطنية بالجزائر عن الكثير من السجناء غير الخطيرين، ليثبت دومًا إنسانيته في مجال حقوق الإنسان وشعبه، أما بخصوص علاقات الجزائر التاريخية، فإنها علاقات معتدلة، قائمة على الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة دون السماح بالتدخل في الشأن الداخلي الجزائري، باستثناء فرنسا، وبسبب العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين، وبسبب ملف الإرث الاستعماري لفرنسا بالجزائر، وهو الملف الذي يضغط دوماً على العلاقات الثنائية بين البلدين، فخلال العامين الماضيين، توترت العلاقات واستخدمت فرنسا الكثير من الحيل السياسية، وأوراق الضغط التي مارستها على الجزائر، إلا أن الجزائر، ظلت على ثوابتها، ولم تسمح لفرنسا بالتصعيد السياسي والدبلوماسي معها، مع مطالبة فرنسا بالاعتذار الرسمي عن حقبة الاستعمار، مع المطالبة باسترجاع رفات المقاومين الجزائريين بفرنسا، والمطالبة بالتعويضات بسبب القتلى والضحايا الجزائريين، وتداعيات التلوث النووي الفرنسي في صحراء الجزائر، وما خلفه من دمار خلال ستينيات القرن الماضي، ومع توتر العلاقات بسبب صعود اليمين المتطرف في فرنسا، إلى الحكومة، واتحاده مع اليمين الجمهوري وحزب ماكرون، للضغط على فرنسا، وبخاصة منذ فترة وزير الداخلية السابق "برونو روتاريو"، الذي اتبع سياسة التصعيد والمواجهة مع الجزائر، وتعديه على الحقوق الدبلوماسية لبعثة الجزائر بفرنسا، الأمر الذي أدى إلى سحب الجزائر لسفيرها، واتباع سياسة المضايقات للجالية الجزائرية الكبيرة بفرنسا، والعمل على ترحيل الخارجين عن القانون بشكل تعسفي، مع فرض تأشيرات على الدبلوماسيين الجزائريين، الأمر الذي يخالف البروتوكول الدبلوماسي الدولي، وصولاً إلى إلغاء اتفاقية عام ١٩٦٨، التي كانت تنظم هجرة الجزائريين إلي فرنسا، ومنحهم الامتيازات الكبيرة، من حيث الإقامة والجنسية، قانون لم الشمل العائلي، الدراسة، والعلاج، وصولاً إلى تأثر القطاع الاقتصادي، وقطاع الاستثمار، والمبادلات بين البلدين، ومع كل تلك الضغوط على الجزائر، كان هناك مؤامرة تحاك ضد الجزائر من جانب المنظمات الصهيونية بأوروبا وفرنسا، ومن جانب الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تطالب دول أوروبا، وبخاصة فرنسا بالضغط على الجزائر، بسبب رفضها لمسألة التطبيع مع الكيان المحتل، ولثوابت الجزائر الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني عبر المحافل الدولية.

ومع كل تلك المخططات والمؤامرات، ظلت الجزائر برئيسها وحكومتها وشعبها صامدة رافعة الرأس ضد ما يحاك لها، ورفضها التدخل في شئونها، واحترام نظرتها لمصالحها، ولسائر القضايا الدولية، واتخاذها سياسة التصعيد وتعامل المثل بالمثل مع الموقف الفرنسي، ما دفع مؤخراً بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلي التهدئة، وإلى إمكانية إقامة حوار جاد مع الجزائر، وإرسال فرنسا فريقا دبلوماسيا رفيع المستوى إلى الجزائر من أجل التهدئة، ومن أجل التجهيز للزيارة المتوقعة للرئيس الفرنسي ماكرون إلى الجزائر، وذلك بعد الانتقادات التي وجهها اليسار الفرنسي، منظمات المجتمع المدني، رجال الأعمال والمثقفون الفرنسيون، مع المطالبة بتلطيف الأجواء مع الجزائر، واستعادة العلاقات التاريخية والاستراتيجية والاقتصادية بين البدلين، يحدث ذلك في الوقت الذي تمر به فرنسا بظروف اقتصادية متدنية، وغيرها من المشكلات السياسية والاجتماعية داخل فرنسا.

وقد جاءت لمسة الرئيس الجزائري "عبد المجيد تبون" بإفراجه عن الكاتب الجزائري "بوعلام صلصال" الحاصل على الجنسية الفرنسية عام ٢٠٢٤، وذلك بعد مهاجمته وانتقاده للرئيس والحكومة الجزائرية بفرنسا، وقد جاء هذا الإفراج بعد طلب الرئيس الألماني "فرانك فلتر شتاينهاير" من الرئيس تبون الإفراج عن صلصال بسبب ظروفه الصحية، وكبر سنه، ومع تلبية الرئيس تبون لهذا الأمر الانساني، شكر الرئيس الألماني نظيره الجزائري، ووصفه بالصديق، وثمن على العلاقة القوية بين البلدين، وداعيا إياه لزيارة ألمانيا، وبالمقابل، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو الآخر استغل تلك الفرصة، وثمّن تلك اللفتة الإنسانية التي شكر عليها الرئيس تبون، مع دعوته للحوار الهادف، وإعادة العلاقات بين البلدين في أقرب الآجال، ولربما ملاقاة الرئيس ماكرون للرئيس تبون على هامش مؤتمر قمة العشرين، والذي سينعقد في جنوب إفريقيا قريباً، وذلك من أجل التهيئة لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" بالبلدي "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??