بالبلدي | BELBALADY

: غروسي ينسف رواية ترامب.. مشروع إيران النووي لم يُقبر بعد

belbalady.net في الوقت الذي سارعت فيه كل من واشنطن وتل أبيب إلى إعلان "النصر الاستراتيجي" بعد تنفيذ ضربات مكثفة على منشآت البرنامج النووي الإيراني، جاءت تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، لتقلب الطاولة وتعيد ترتيب أوراق المشهد النووي.

ففي تقييم حذر وصريح، أكد غروسي أن البرنامج النووي الإيراني "لا يزال حيًا"، وأن لدى طهران القدرة على استئناف تخصيب اليورانيوم خلال أشهر، مما يطرح تساؤلات كبرى بشأن فعالية الضربات الأخيرة ويضعف السردية الأميركية الإسرائيلية حول "القضاء التام" على هذا الملف الحرج.

روايتان متناقضتان

بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل، قال غروسي إن "المرافق النووية الإيرانية لم تدمر تماما"، مشيرًا إلى بقاء بعض أجهزة الطرد المركزي في حالة صالحة للعمل.

كما أضاف أن كمية من اليورانيوم المخصب – تُقدّر بأكثر من 400 كلغ – لا تزال مصيرها مجهولا، ما يزيد من الشكوك حول حجم الأضرار الفعلية التي لحقت بالبنية التحتية النووية الإيرانية.

ورغم تأكيد غروسي على حجم الضربات، إلا أنه شدد على أن "إيران قد تتمكن من إعادة إطلاق برنامجها النووي، ربما بطريقة أكثر سرية هذه المرة".

وأشار إلى أن تعليق طهران تعاونها مع الوكالة – بل وتهديدها العلني له كما ورد في بعض وسائل إعلامها – يعقد من مهمة التفتيش ويثير قلقًا متصاعدًا لدى المجتمع الدولي.

التصريحات الأميركية لا تعكس الواقع

من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة فيينا، البروفسور هاينز غارتنر، في مقابلة مع "غرفة الأخبار" على سكاي نيوز عربية، أن تصريحات غروسي تتناقض صراحة مع الرواية الرسمية الصادرة عن واشنطن. وقال: "إذا كانت المنشآت قد دُمّرت كليًا، كما يقول الرئيس ترامب، فلماذا يصر غروسي على ضرورة إعادة المفتشين؟".

واعتبر غارتنر أن غروسي "يسعى للدفاع عن دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، في مواجهة تصريحات ترامب التي ألمحت إلى احتمال استبدال الوكالة بجهات تفتيش أخرى. وأضاف: "هذا يُعد تهديدًا مباشرًا لشرعية الوكالة وفاعلية دورها، وقد يفتح الباب لتدويل أزمة الثقة".

تفتيش أكثر صعوبة.. وعودة محتملة للأنشطة النووية

يرى غارتنر أن الضربات الأخيرة جعلت مهمة الوكالة أكثر تعقيدا، إذ لم يعد من الممكن التحقق بسهولة من المواقع التي تعرضت للهجوم.

وأضاف أن مستوى الضبابية الحالي بشأن طبيعة الضرر الذي لحق بالبرنامج الإيراني يعيد النقاش إلى نقطة الصفر.

ويحذر غارتنر من أن إيران قد تكون قادرة الآن على تطوير برنامجها في الخفاء، بعيدا عن عيون المفتشين، وهو ما يجعل "الضربات العسكرية غير كافية لإيقاف المشروع على المدى البعيد".

هل تعود إيران إلى طاولة التفاوض؟

في خضم هذا المشهد المعقد، لا تزال احتمالات استئناف المفاوضات مطروحة، وإن كانت محفوفة بالعقبات. وبحسب غارتنر، فإن على طهران أن تبادر بإجراءات تهدف إلى استعادة الثقة، مثل الموافقة على البروتوكولات الإضافية، وتسهيل مهام التفتيش، إن كانت فعلاً تريد إثبات سلمية برنامجها النووي. ويقول: "إذا أرادت إيران إثبات صدقيتها، فعليها العودة إلى التعاون مع الوكالة... الغضب لا يجب أن يتحكم في قرارات بهذا المستوى".

في السياق ذاته، أشار غارتنر إلى أن إيران يجب أن تتفادى تكرار الخطأ الذي وقعت فيه عام 2019، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في 2018، حين قررت المضي في توسيع برنامجها النووي.

ورأى أن العودة إلى المفاوضات، رغم صعوبتها، قد تكون الخيار الأوحد لتجنب التصعيد مجددًا.

ترامب مجددا.. تهديد أم صفقة؟

فيما يخص مستقبل العلاقة بين طهران وواشنطن، يعتقد غارتنر أن الرئيس ترامب، رغم مواقفه المتشددة، قد يسعى إلى اتفاق مرحلي مع إيران يبقى قائمًا حتى نهاية ولايته، لتقديمه كإنجاز دبلوماسي. لكنه يشدد في الوقت ذاته على أن "ثقة طهران بواشنطن باتت مهتزة"، خصوصًا بعد الانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي السابق.

أما فيما يتعلق بالموقف الأوروبي، فقد أشار غارتنر إلى أن الأوروبيين، وخصوصًا فرنسا بقيادة ماكرون، لا يزالون يراهنون على إمكانية إنقاذ المسار الدبلوماسي.

ويضيف أن "التعاون الإيراني مع الوكالة الدولية قد يخفف من ضغوط أوروبا ويحول دون العودة إلى آلية العقوبات"، مشددًا على أهمية إحياء جسور الثقة مع الغرب.

لحظة الحقيقة.. بين الضربة والرقابة

المشهد النووي الإيراني اليوم أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. وبين رواية النصر التي تروج لها واشنطن وتل أبيب، وتحذيرات غروسي من استمرار خطر المشروع الإيراني، تبرز حقيقة واحدة: لا شيء محسوم حتى تعود الرقابة الدولية الفعلية، ولا يمكن تقييم أثر الضربات دون معرفة مصير المنشآت التي أُصيبت، ومصير اليورانيوم المخصب الذي تبقى.

وبينما تحبس المنطقة أنفاسها، يقف العالم أمام مفترق حساس: فإما المضي نحو تهدئة مشروطة تعيد الوكالة إلى الداخل الإيراني، أو مواجهة تصعيد محتوم قد يعيد إشعال فتيل الأزمة النووية من جديد – هذه المرة، بلا غطاء دبلوماسي أو فني.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" yahoo "

أخبار متعلقة :