اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فى مصر تعلن فوز محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة ليكون الرئيس الأول بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، والرئيس الخامس الذى يتولى سدة الحكم فى مصر، ومن هنا.. وبعد يوم 24 يونيو 2012، بدأت حالة عداء من جماعة الإخوان الإرهابية ومؤسسة الرئاسة ضد الشعب المصرى كله بجميع فئاته.
وصلت الجماعة للحكم من خلال أنشودة الشريعة وأهل الدين، وأن مرسى هو عمرو بن العاص جيل الألفينيات، الفاتح لمصر بعد عصور من الظلام والوثنية، هذه الأنشودة عزفها الإخوان وصدَّقها عدد كبير من المسلمين البسطاء.
الإخوان توهموا أنهم يكتبون مجدهم بالنار والرماد.. ورغبوا فى إحراق مصر
أظهرت الجماعة نواياها فى اغتصاب الهوية المصرية وتنفيذ أچندة الكيان الصهيونى، فبعد شهرين من تولى محمد مرسى الحكم قرر أن يطيح بالمجلس العسكرى فى 12 أغسطس، ولم يكتفِ، ليُصدر بعد ذلك فى 22 من نوفمبر 2012 إعلانًا دستوريًا جديدًا يعطيه الكثير من الصلاحيات الإضافية ويضمن له الاستحواذ على السلطة التشريعية لحين انتخاب مجلس شعب جديد، إعلان صنع فيه من نفسه إلهًا.
ودخل «مرسى» بإرادته المنفردة وبمزيد من الدقة بإرادة مكتب الإرشاد، فى صراع مفتوح مع القضاء بدءًا بقراره إعادة مجلس الشعب المنحل فى 8 يوليو 2012، ومرورًا بالتدخل فى السلطة القضائية بقرار إقالة النائب العام فى 11 أكتوبر 2012 ومن ثم الإعلان الدستورى الذى أصدره وهو يوم سُجل فى التاريخ باعتباره بداية المذبحة الأولى للقضاء المصرى فى ظل الحكم الطائفى الإخوانى.
الصراع الذى فجَّره الإعلان الدستورى 22 نوفمبر هو صراع سياسى بالدرجة الأولى، ولم تكن الشريعة مطروحة فى سياقه بأى حال من الأحوال، وكان مفهومًا قبل تلك المليونية بأيام أن الإخوان فى طريقهم للتظاهر تأييدًا للرئيس كما فعلوا يوم 24 نوفمبر أمام القصر الرئاسى بمصر الجديدة.
ولأن تأييد الرئيس الإخوانى فقط لم يكن كافيًا لاستقطاب السلفيين وبقية أطياف التيار الإسلامى والمؤلفة قلوبهم مع الجماعة الإرهابية، فكان لا بُدّ من استخدام الشريعة وتصويرها على أنها مهدَّدة بما من شأنه أن يستقطب ليس فقط التيار الإسلامى ولكن أيضًا بعض فئات المجتمع التى لا ترضى فى عمومها تهديد الشريعة أو النيل منها، كعادتنا نحن المسلمين غيورون على ديننا، كما أن إدخال الشريعة كهدف للمليونية سوف يؤدى إلى إضعاف المعارضين وتشويه صورتهم وإبرازهم كأنهم معارضون للشريعة، بما قد يبرر تكفيرهم، وتطور الأمر بالدعوة إلى التوجه إلى المحكمة الدستورية العليا والاعتصام أمامها لمنعها أو على الأقل الضغط على قضاتها أثناء نظر أولى جلسات قضيتىّ حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية مع أن «مرسى» قد حصَّنهما فى إعلانه الدستورى 22 نوفمبر من الحكم المتوقع للمحكمة الدستورية، وبالفعل توجه أنصار مرسى إلى المحكمة الدستورية العليا وحاصروها فمنعوا القضاة من دخول المحكمة فى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ مصر، وهو الأمر الذى أدى إلى إعلان المحكمة تأجيل الجلسة إلى أجل غير مسمى، أو لحين تمكين قضاتها من دخول مقر المحكمة وعقد جلساتها، علاوة على بدء الجماعة فى تنفيذ المخطط الصهيونى بتهجير الفلسطينيين لسيناء وتصفية القضية الفلسطينية.
مصر ليست هى الدولة المسحورة التى.. يمكن لساحر أن يطويها فى جرابه
شعبية الإخوان قد أخذت فى التآكل، فقبل أن يحكموا البلاد زعموا أنهم يملكون جميع الحلول السحرية لكل المشكلات والأزمات التى يعانى منها الوطن، وخرج علينا حينها مرشحهم محمد مرسى قائلًا: سأقضى على كثير من المشكلات فى المائة يوم الأولى من حكمى، واختار بعض المشكلات الثانوية وجزم بأنها ستنتهى تمامًا، فلا مشكلات حُلت، ولا أعباء رفعت.
تمرد فإذا هى تلقف ما يأفكون..
تمرد كانت ناقوس السقوط الذى دوَّى من كل مئذنة وكنيسة وساحة، فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون.
حملة «تمرد» كان هدفها الأساسى سحب الثقة من الرئيس الطائفى والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، جاءتنى فكرة جمع التوقيعات ضد الجماعة الإرهابية؛ لإثبات أن الأغلبية فى الشارع المصرى ضد إسقاط الهوية المصرية، وضد الإرهاب بكل صوره، وقررت أن تكون الحملة تحت شعار «تمرد».. اعترض، صوت المصريين حر ومستجاب وقتما أرادوا.. فعلوا.
وبالفعل لاقت فكرتى استحسان عدد من الزملاء، وعليه ألقيت البيان التأسيسى لتمرد عام 2013 فى 28 من أبريل، وكنت المتحدث باسمها حتى نهاية الحكم الطائفى فى مصر، تمكنت الحملة من جمع 22 مليونًا و134 ألفًا و54 توقيعًا مقابل 13 مليونًا و347 ألفًا و380 صوتًا جاءت بالإرهابى مرسى على كرسى أكبر منه ومن جماعته، وعندما دعونا المصريين إلى النزول والمشاركة فى ثورة 30 يونيو لحماية بلدهم، شارك 30 مليون مصرى فى الثورة المصرية الضرورية لإنقاذ مصر من مخطط الفوضى فى الشرق الأوسط.
كانت «تمرد» وقتها صوت الشعب المصرى والتف حولها كل القوى السياسية ونصرها الله لصدق غرضها، وحفظها من الاندثار الرئيس عبدالفتاح السيسى والجيش المصرى كله عندما أيّدوا مُراد الشباب الثورى الحر ورغبة المصريين فى الحفاظ على بلدهم الغالية مصر.
التاريخ، سُنّة الله فى الظالمين لا تتبدل..
مصر الحديثة التى أقامها «محمد على» على قاعدتين لا ثالث لهما، القاعدة الأول كانت الجيش الذى أشرف على إنشائه سليمان باشا الفرنساوى أو الكولونيل «سيف»، والقاعدة الثانية كانت القضاء عندما أنشأ المجالس القضائية المحلية، ومجالس التجار القضائية إلى أن أخذ القضاء طريقه إلى التحديث فى العهود التى تلت محمد على، جاء الإخوان وفى أول خمسة شهور من تولى الحكم أطاحوا بالقاعدتين.
ظنّ الإخوان أن بوصولهم إلى الحكم سيكون لهم عهد كالذى لا يُنقض، وأنه سيخلّد حكمهم، توهموا أنهم أحكموا الإغلاق على أبواب الدولة، وأن مفاتيحها لن تخرج من أيديهم لخمسمائة عام.
لقد أرادوا أن يُحَكموا القبضة على مصر، فإذا بمصر تنتفض، وتكسر القيد، وتطوى صفحة ظنّوا أنها ستظل مفتوحة إلى يوم الدين، فليس أطغى على مر التاريخ من مَن توهّم أن الخلود فى الكرسى يعلو على إرادة الشعوب، فسقط الوهم الكبير، وبقيت مصر.
سوف أردد لآخر عمرى: لو لم تنجح ثورة 30 يونيو 2013 لنجحت فى 2014 أو 2015 إلى ما نهاية الدنيا، الأهم أن المصريين أحرار مُحال أن يقبلوا بالعبودية أو بضياع هويتهم أو العبث بنسيجهم الوطنى، ولابنى ولجموع الشباب لكم الحرية المطلقة أن تكونوا ساسة أو تسلكوا طريقًا آخر بعيدًا عنها، لكن فرض وشرف أن تكونوا شبابًا وطنيًا فى خدمة الوطن فى كل وقت وحين، السلام لمصر وشعبها الأبىّ الحر.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "
أخبار متعلقة :