ولا نزال نستكمل الحديث عن تترات وإعلانات موسم رمضان 2025.
وفى رأيى؛ فإن أفضل تتر غنائى لهذا الموسم هو (عاشت مصر) بصوت «هانى الدقاق» من مسلسل (النص)، وذلك لأنه يستوفى جميع الشروط والمعايير الفنية؛ فهو يعبر عن طبيعة أحداث المسلسل، الذى تدور أحداثه فى العشرينيات إبان مقاومة الاحتلال الإنجليزى، وهذا التعبير واضح فى كلمات «جورج عزمى» وألحان «إيهاب عبدالواحد». فبمجرد سماع الأغنية، نستحضر الأغانى الفئوية التى كان يؤديها «سيد درويش»، بنفس أسلوب سرد القصة.
كان «سيد درويش»، فى هذا النوع من الأغانى، يبدأ فى الأجزاء الأولى منها بالحديث عن أصحاب المهن والحِرَف المختلفة؛ مستخدمًا لغتهم، كما حدث فى أغنية (التحفجية) على سبيل المثال؛ حيث ظل يتحدث بلسان حال شاربى الحشيش، حتى وصل إلى نهاية الأغنية، فطرح الحكمة قائلاً:
«وأقولك الحق يوم ما نلقى بلادنا طبّت فى أى زنقة، يحرم علينا شُربك يا جُوزة، روحى وانتى طالقة، ملكيش عوزة، دى مصر عايزة جماعة فايقين يا مرحب».
وهذا هو نفس الأسلوب الذى كُتبت به أغنية (عاشت مصر)، حين قال «هانى الدقاق»:
«ويوم ما ييجى المُعتدى... يهفه عقله ويعتدى، تلقى الواحد منا بألف».
وهنا نجد تطابقًا فى طريقة السرد؛ فعندما تحتاج مصر إلى أبنائها، حتى لو كانوا «حشاشين» أو «نشالين»؛ فإن الجميع يتّحد لنصرتها.
ولذلك؛ يُعد هذا العمل نموذجيًا، وما زاد إعجابى به هو التوزيع الموسيقى لـ«أحمد عادل»، الذى ابتعد عن كل الأشكال الغربية فى المعالجة الموسيقية؛ ليحافظ على روح الأصالة المصرية.
أمّا عن أغنية مسلسل (سِيد الناس)، التى يؤديها «أحمد سعد»، فهى لم تأتِ بأى جديد، وهى من تنفيذ «عصام حجاج، وتامر حجاج، وأشرف البرنس».
تعتمد الأغنية على نفس «التيمة» المكرّرة والمحفوظة والمملة التى تتكرّر فى جميع أغانى الدراما الشعبية، من الحديث عن «الجدعنة، والثبات على المبادئ، وأننى محبوب، وحنون، وأصيل»، لذا فهى لا تقدم أى جديد على الإطلاق!
أمّا بالنسبة لأغنية (ماشيين بالزّق) من مسلسل (80 باكو)؛ فقد نجح صُنّاعها «منة القيعى، عزيز الشافعى، أحمد عادل، وصابرين النجيلى» فى التعبير عن رسالة العمل.
يتناول المسلسل قضايا المرأة المصرية الناشئة فى المناطق الشعبية أو العشوائيات أو ذات الكثافة السكانية العالية، ولكن فى إطار الكوميديا السوداء، وهذا ما عكسته الأغنية؛ حيث عبّرت بأسلوب خفيف الظل عن كيف يعاند الحظ مجموعات بعينها، ويضعها فى ظروف قهرية ومجحفة. ورغم الطرح السوداوى؛ فإن الأغنية قدمت هذه المشاعر بأسلوب ساخر وخفيف، وكأنها ترقص على أحزان مَن تخاطبهم!
أمّا فيما يخص الإعلانات؛ فإذا تحدّثنا عن إعلان أحد البنوك، فسنجد أن السمة الغالبة على معظم إعلانات هذا العام هى «إعادة تدوير» نفس الأفكار المستهلكة من المواسم السابقة. فعلى سبيل المثال، إعلان بنك مصر، الذى يؤديه «تامر عاشور ونوران أبو طالب»، يُعد استكمالاً لنفس نوعية أغانى الإعلانات السابقة، التى تعتمد على أسلوب التنمية البشرية، ولكن هذه المرة باستخدام كلمات لم تَعد دارجة، مثل «مذهل، مبهر، مدهش».
وهنا؛ قد نتذكر مشهدًا من فيلم (سمير وشهير وبهير)؛ حيث دارت الأحداث فى سبعينيات القرن الماضى، عندما حاول «شهير» تعليم «منير» الخطير كيفية التعامل مع الفتيات بأساليب مبتكرة، فرد عليه منير، المنتمى لتلك الحقبة، قائلاً:
«أنت مبهر، مدهش، مذهل!».
ولا أتصور أن أحدًا من أبناء جيلى فى عام 2025 قد يستخدم مثل هذه الأوصاف؛ بل لو قالها أحدهم، فبالتأكيد سيُقال له: «أنت دقة قديمة!».
فهذه ليست أزمة إعلان بنك مصر فقط؛ بل أزمة كل إعلانات هذا العام، كلها بلا استثناء تعيد تدوير نفس الإعلانات التى عرضت فى المواسم السابقة، وكأن الجميع بـ«ينقل من نفس الكشكول».
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "
أخبار متعلقة :