لا شك أن الفوضى في الشوارع لا تقتصر على جنس بعينه، فالشباب -البعض منهم- يقود بتهور وعدم التزام وجسارة مخيفة، ولكن من غير الإنصاف أيضاً تجاهل الواقع المقلق في بعض جوانبه، كجهل بعض النساء بأساسيات ومعايير القيادة السليمة، ما جعل بعض التجارب المرورية معهن مصدر قلق وتوجس، فقيادة السيارة ليست مجرد جلوس خلف المقود وتحريك المركبة، بل هي وعي كامل بالنظام، والتزامات واضحة بالقوانين، وقدرة على التفاعل الآمن مع المحيط. وللأسف، فما زالت بعض السائقات -خاصة من اللاتي لم يتلقين تدريباً كافياً- يفتقدن لهذه المعايير من الارتباك والوقوف غير المنتظم، إلى التجاوزات غير النظامية، إلى فقر المعرفة في المواقف الطارئة، كلها مشاهد تتكرر، لا بفعل القصد غالباً، بل بفعل ضعف المعرفة أو ضعف الإعداد أو الخوف و(التردد)، والأخيرة في تقديري كارثة حقيقية.
المشكلة لا تكمن في «أنهن نساء»، بل في أن بعضهن -كما بعض الرجال- تلقين رخص القيادة دون تأهيل فعلي أو متابعة جدية أو تشجيع في غير محله. وهذا ما ينبغي أن نعترف به دون تحامل ولا مجاملة، فكيف تُمنح الرخصة لمن لا تُجيد قراءة اللوحات الإرشادية للطريق، وكيف تُجتاز اختبارات القيادة من لم تختبر نفسياً في قدرتها على اتخاذ القرار في وقت الأزمات؟ أقول ذلك بشواهد من أرض الواقع وتجارب شخصية مريرة!
الرياض، بتعقيدها المروري وكثافة طرقها، تتطلب مهارات استثنائية في القيادة، وهي ليست بيئة مثالية لتجارب القيادة الأولية، فتعقيدها وكثافتها المرورية يتطلبان تأهيلاً صارماً، لا مجاملة فيه ولا استعجالاً، وهنا لا يقع اللوم على السائق والسائقة وحدهما، بل على من سمح منح الرخص قبل التأكد من الجاهزية الكاملة. ومع ذلك تُلقى بعض النساء -وخاصة الفتيات- في هذا المضمار دون تهيئة، فينتهي الأمر أحياناً بحوادث وصدمات، لا مرورية فقط، بل نفسية أيضاً، وليس من العدل أن تُغطى هذه الأخطاء بدافع العاطفة أو التحيّز، فالتستر على الخطأ لا يصنع سائقاً أفضل ولا حياة آمنة، بل يخلق المزيد من الفوضى والمخاطر، ولاستدراك هذا الخلل المُتسرب إلى هذا المكسب الحضاري الجميل وبسبب جهل بعض السائقات العزيزات بأساسيات القيادة وقواعد المرور، ما جعل من بعض المشاهد اليومية تتطلب وقفة وضبطاً لعدة نقاط:
- تشديد اختبارات القيادة وإعادة النظر في منهجيات التدريب ومنح الرخص.
- دور الأسر في التشديد على التدريب الصحيح وأن الرخصة لا تعني الجدارة الكاملة.
- على السائقات أنفسهن أن يدركن أن الطريق ليس ساحة لإثبات الذات، بل ميدان للمسؤولية والالتزام.
القيادة حق، وقيادة المرأة مكسب وطني واجتماعي، لكن لا بد أن ترافقه ثقافة مرورية عالية، والأهم أن يكون هذا الحق مصحوباً بالوعي، والمهارة، والإلمام!
أخبار ذات صلة
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" جريدة عكاظ "
أخبار متعلقة :