الأطفالُ يولدونَ وعمرُهم ألفُ عام،
يحملونَ على ظهورِهم حقائبَ من الحجارةِ،
وفي أعينِهم بحورٌ من الدمعِ لا تجفُّ.
في فلسطينَ...
الزهورُ تتفتّحُ من بينِ الركامِ،
والأمهاتُ يُرضعنَ الحنينَ بدلاً من الحليبِ،
ويكتبنَ أسماءَ شهدائهنَّ على أرغفةِ الخبزِ.
فلسطينُ...
ليست خريطةً قديمةً علّقتها الأممُ فوقَ الجدران.
ولا نشرةَ أخبارٍ باردةٍ تمرُّ كالسهمِ أمامَ عيونِ الغافلين.
هي قلبٌ ينبضُ بالوجعِ كلَّما ابتسمَ العالمُ ببرود. هي أنشودةٌ مذبوحةٌ تبحثُ عن حنجرةٍ لتغنّي.
وطنٌ مسجونٌ خلفَ قضبانِ الصمتِ الطويلِ.
في فلسطينَ...
السماءُ لا تمطرُ إلا دمعاً، والشمسُ تشرقُ خجلى من دمارِ البيوتِ.
القمرُ يتعثرُ بآهاتِ الأمهاتِ.
في فلسطينَ...
يولدون تحتَ الرصاصِ.
يحلمونَ بأرغفةٍ من الحريةِ مغموسةٍ بكرامةِ الإنسانِ.
فلسطينُ...
كلما سقطَ طفلٌ من يديكِ،
سقطتْ قصيدةٌ من دفتري،
وانكسرتْ زهرةٌ في حدائقي.
سنبقى نحفظُ اسمَكِ كما تحفظُ الأمُّ دموعَ وليدها، وسنكتبُ عنكِ حتى يتعبَ الحبرُ،
وتغفو القصائدُ على وسادةِ السلامِ الذي طالَ انتظارهُ.
الأطفالُ صغارٌ هبطوا من غيمةٍ ممزّقة،
يحملونَ في عيونِهم خارطةَ الوطن، وفي قلوبِهم بركانَ الرفض.
أكتافُهم صغيرةٌ، لكنَّها تشيلُ الجبالَ...
وفي أكفّهم الحنّاءُ من دمعِ الأمهاتِ لا من أعراسِ الفرح.
الريحُ تحفظُ أسماءَ الشهداءِ كما تحفظُ الأمُّ ضحكةَ طفلِها،
والمآذنُ تبكي، وتنوح،
والأرضُ تُرضعُ جذورها حليبَ الصبرِ والدموع.
فلسطينُ...
قصيدةٌ معلّقةٌ بين الحناجرِ والخناجر والحجارة،
تُصلبُ كلَّ صباحٍ على نشرةِ أخبارٍ صامتة،
وتُبعثُ حيّةً كلَّ مساءٍ في عيونِ يتامى يبحثونَ عن وطنٍ
في حقائبِ المدرسةِ وبين دفاترِ الحلم.
نكتبُ عنكِ يا فلسطين...
لأننا إن صمتنا،
ماتت الحروفُ من الخجل،
وماتت القصائدُ على شرفاتِ القهر.
أخبار ذات صلة
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" جريدة عكاظ "
أخبار متعلقة :