بالبلدي | BELBALADY

: خسائر فادحة على جميع المستويات في إسرائيل والثمن الاقتصادي يقترب من 12 مليار دولار

belbalady.net تحت وطأة الحرب..

تشهد إسرائيل منذ بدء المواجهة المفتوحة مع إيران واحدة من أعنف الحروب الحديثة التي طالتها على كافة المستويات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والدولية حيث لم يعد الصراع مجرد تبادل ضربات بل تحول إلى حرب استنزاف شاملة تهدد أمن واستقرار الدولة العبرية وقد أكدت مصادر غربية مثل وول ستريت جورنال ورويترز أن تكلفة هذه الحرب اليومية تتراوح ما بين 200 إلى 300 مليون دولار تشمل عمليات الدفاع الجوي والاستخبارات والطلعات الجوية وهو ما يعني أن شهرًا واحدًا من القتال قد يكلّف إسرائيل ما يصل إلى 12 مليار دولار.


 

في السياق ذاته شهدت أقساط التأمين البحري ارتفاعًا غير مسبوق إذ ارتفعت من 0.2٪ إلى 1٪ مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد والتصدير بشكل كبير أما على صعيد القوى العاملة فقد تضررت إسرائيل من سحب مئات الآلاف من جنود الاحتياط من سوق العمل الأمر الذي تزامن مع تراجع العمالة الفلسطينية والأجنبية مما أدى إلى انخفاض الإنتاج وارتفاع معدلات البطالة وأكدت مؤسسات مالية إسرائيلية أن الناتج المحلي الإجمالي قد ينخفض بنسبة تتراوح بين 3٪ و5٪ إذا استمرت الحرب حتى نهاية العام الحالي. 


 

تفاقم هذا الوضع بزيادة العجز الحكومي حيث تشير التقديرات إلى أن العجز سيصل إلى ما بين 7٪ و9٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 مقارنة بأقل من 2٪ قبل الحرب وقد ترافق ذلك مع هروب رؤوس أموال من البلاد خاصة بعد مغادرة ما يقرب من 1700 مليونير إسرائيلي البلاد خلال عام 2024 وحده وهو ما انعكس على سوق العقارات في تل أبيب بانخفاض في معدلات الاستثمار العقاري بنسبة 10٪.

 

أما على الجانب العسكري فقد استُنزفت إسرائيل في عمليات الدفاع ضد أكثر من 500 صاروخ إيراني بالإضافة إلى أكثر من 1000 طائرة مسيرة وتمكنت منظومة الدفاع من اعتراض عدد كبير منها إلا أن تكلفة هذه العمليات فاقت مليار دولار خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من القتال وتكبدت إسرائيل خسائر بشرية تمثلت في مقتل 24 شخصًا وإصابة المئات بينهم جنود ومدنيون كما تأثرت العديد من القواعد الجوية ومراكز القيادة في بئر السبع والمطلة وطبريا. 


 

وفي تطور خطير قصفت إيران معهد فايتزمان للعلوم والذي يعد أحد رموز التقدم العلمي الإسرائيلي مما أدى إلى خسائر تقدر بنحو 300 إلى 500 مليون دولار نتيجة تدمير مختبرات ومعدات بحثية كانت تعمل على مشاريع تمتد لعقود وبلغ عدد المتضررين من الباحثين نحو 286 مجموعة علمية وهو ما سيؤثر على البحث العلمي الإسرائيلي لسنوات طويلة. 


 

كما طالت الضربات الإيرانية مستشفى سوروكا في بئر السبع مما أدى إلى إصابة 65 شخصًا وتدمير أقسام كاملة من المستشفى واضطر العاملون إلى إخلاء المرضى بشكل عاجل الأمر الذي منع حدوث كارثة أكبر وأفادت تقارير إعلامية أن هناك بنى تحتية صناعية واقتصادية أصيبت في حيفا وأسدود حيث تم استهداف منشآت نفطية ومراكز كهرباء ما أدى إلى انقطاع التيار عن مناطق كاملة وخسائر يومية فادحة في الإنتاج. 


 

على المستوى الاجتماعي تعرض مئات الآلاف من الإسرائيليين للنزوح الداخلي حيث تم إجلاء السكان من مناطق الجنوب والشمال نحو الملاجئ تحت الأرض ما خلق ضغوطًا نفسية هائلة خاصة في أوساط كثيرة وأشارت تقارير لمجلة تايم أن نسبة القلق والهلع ارتفعت بشكل كبير وأن إسرائيل تعاني من موجة اضطرابات ما بعد الصدمة في صفوف مواطنيها.


 

في ظل هذا الوضع المتأزم ارتفعت أصوات دولية تطالب بوقف التصعيد وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حيث دعت هذه الدول إلى ضبط النفس وتحقيق هدنة إنسانية بينما هددت إيران بالرد على أي تدخل أمريكي بضرب قواعد عسكرية أمريكية في المنطقة وهو ما دفع الأسواق العالمية لرفع أسعار النفط فوق 90 دولارًا للبرميل خوفًا من اتساع رقعة الحرب وتأثر خطوط الملاحة البحرية خصوصًا في البحر الأحمر حيث أطلق الحوثيون تهديدات صريحة بوقف شحنات الدعم إلى إسرائيل. 


 

أما وكالات التصنيف الائتماني فتدرس خفض الجدارة الائتمانية لإسرائيل نتيجة العجز الكبير والضغوط الاقتصادية المتراكمة وهو ما قد يؤدي إلى رفع تكلفة الاقتراض وتقليص الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير وتشير التقارير إلى أن سوق المال الإسرائيلي فقد خلال أسابيع الحرب أكثر من 7٪ من قيمته وتكبدت بورصة تل أبيب خسائر فادحة مما أجبر الحكومة على ضخ سيولة طارئة عبر بنك إسرائيل لضمان استقرار الأسواق. 


 

أمام هذا المشهد المعقد تبدو إسرائيل في مواجهة غير مسبوقة مع تداعيات متزايدة على كافة الأصعدة فبينما تواصل العمليات العسكرية فإن الجبهة الداخلية بدأت تنهار تدريجيًا بفعل الضغوط الاقتصادية والنفسية والاجتماعية وتشير تقديرات إلى أن استمرار الحرب لفترة أطول سيكلف إسرائيل ما يفوق 100 مليار دولار خلال عام 2025 وهو رقم يعادل قرابة ربع الميزانية العامة للدولة. 


 

الجيش الإسرائيلي يواجه تحديًا مزدوجًا بين صد الهجمات وتأمين الجبهة الداخلية مع تراجع الروح المعنوية لدى بعض جنود الاحتياط نتيجة طول أمد المعارك وقساوة الظروف الميدانية بينما تحاول الحكومة الترويج لانتصارات تكتيكية في مواجهة ضغط إعلامي دولي واتهامات باستخدام القوة المفرطة ضد أهداف مدنية وهو ما أضعف موقفها الدبلوماسي أمام الأمم المتحدة. 


 

في ظل هذه المعطيات فإن المجتمع الإسرائيلي بات يعيش حالة استنزاف حقيقية ليست فقط في الجبهة العسكرية بل في بنيته النفسية والاجتماعية إذ تشير مراكز الأبحاث النفسية إلى ارتفاع ملحوظ في حالات الاكتئاب والقلق ومحاولات الانتحار بين صفوف الشباب والجنود العائدين من الجبهة. 


 

كما تُظهر نتائج استطلاعات الرأي تراجعًا في شعبية الحكومة وسط انتقادات لنتنياهو بعدم التقدير الكافي لمخاطر الحرب على المستوى الاستراتيجي وأن ما يحدث قد يؤدي إلى دخول إسرائيل في دوامة من الصراعات الإقليمية المستمرة في ظل انقسام داخلي غير مسبوق بين اليمين واليسار. 


 

الحرب مع إيران كشفت عن هشاشة البنية الدفاعية الإسرائيلية رغم امتلاكها أحدث أنظمة الحماية كما أظهرت ضعف القدرة على احتواء أزمات كبرى ذات طابع إقليمي ودولي وإن استمرار هذا الوضع دون أفق للحل يعني المزيد من الخسائر في الأرواح والاقتصاد والدبلوماسية بل وقد يقود في النهاية إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي الداخلي وتراجع مكانة إسرائيل في المنطقة والعالم. 

 

فإسرائيل التي اعتادت منذ نشأتها على الحروب القصيرة والسريعة تواجه اليوم نموذجًا جديدًا من الصراع يتمثل في حرب استنزاف ذكية متعددة الأدوات والمجالات حرب تقودها طهران بأسلوب غير تقليدي يعتمد على التكلفة الباهظة لا على الحسم العسكري ما يجعل من مستقبل إسرائيل مفتوحًا على سيناريوهات أكثر قتامة من أي وقت مضى.

 

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" الفجر "

أخبار متعلقة :