: خطر الأمية الافتراضية

الأسبوع 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

محمود عبدالباسط

محمود عبد الباسط

اقتصر مفهوم الأمية لآلاف السنين في مفهوم الأمية الأبجدية، والتي تشير إلى عدم إجادة الشخص الأمي للقراءة والكتابة، ومع ظهور الثورة التكنولوجية واختراع الكمبيوتر والأجهزة اللوحية مرورا بالهواتف المحمولة الذكية، ظهر مفهوم جديد للأمية وهو الأمية التقنية، والتي تشير إلى افتقاد الشخص لمهارات استخدام التكنولوجيا الحديثة، والمتمثلة في الكمبيوتر وشبكة الإنترنت وغيرها من التقنيات الحديثة ذات الاستخدام الشخصي أو التي تستخدم لإنجاز الأعمال، ونظرا للفجوة المعرفية الهائلة بين الدول والمجتمعات نتيجة عوامل عديدة والتي منها الفقر وضعف مستوى التعليم- وفي الوقت الذي تخطت فيه العديد من دول العالم حاجز الأمية التقنية إلى عالم الذكاء الاصطناعي- فإن بعض الدول مازالت تعاني من المستويين الأول والثاني من مفاهيم الأمية وهما الأمية الأبجدية والأمية التكنولوجية، وعلى الرغم من أن هذين النوعين من الأمية مازالت تعاني منهما شريحة كبيرة من دول العالم ومنها مصر، إلا أن الأمر يزداد سوءا وخطورة مع ظهور مفهوم ومستوى ثالث من الأمية وهو الأمية الافتراضية، والتى يقصد بها عدم المعرفة بمخاطر استخدام العالم الافتراضي وافتقاد مهارات الأمن السيبرانى عند التعامل مع شبكة الإنترنت وتطبيقاتها المختلفة، وهو الأمر الذي يعرّض الملايين سنويا من المستخدمين لاختراق الخصوصية وسرقة بياناتهم الشخصية عن طريق اختراق حساباتهم نتيجة تعرضهم لهجمات إلكترونية على أيدي ما يسمون بـ "الهاكرز Hackers" الأمر الذي يترتب عليه وقوع العديد من الجرائم الإلكترونية.

وتشير الأرقام إلى أن حجم ما أنفقته الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتأمين البيانات والمعلومات لها ولعملائها في عام 2023 بلغ حوالي 3 مليارات دولار، وبلغ الإنفاق العالمي على الأمن السيبرانى حوالي 190 مليار دولار، وأن حجم خسائر الهجمات والقرصنة الإلكترونية للشركات عالميا بلغ حوالي 8.5 تريلون دولار في عام 2022 ومتوقع أن تصل تلك الخسائر إلى 24 تريلون دولار بحلول عام 2027، وأن هناك عصابات منظمة تمارس نشاط القرصنة الرقمية مقابل طلب الفدية من الضحايا سواء كانوا أفرادا أو شركات. ومن أكبر الجرائم الإلكترونية التي تمت في عام 2023 كانت عملية الاختراق التي تعرضت لها منصة MOVEit على أيدي مجموعة اختراق يقال (إنها روسية ) والتى نتج عنها تسريب بيانات وملفات حوالي ٩٠ مليون شخص و٢٦٠٠ شركة في ٣٠ دولة حول العالم، وكان نصيب الولايات المتحدة وحدها من ضحايا هذه الجريمة يمثل ٨٨% من الأشخاص والشركات. وبالنظر إلى الشأن المصري في مجال الأمن السيبرانى فإنه تم تأسيس المجلس الأعلى للأمن السيبرانى، وهناك قطاع الأمن السيبرانى بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وهى جهات من مهامها إصدار التوصيات ووضع السياسات وإتاحة الأدوات من أجل تأمين البنية التحتية التقنية والمعلوماتية للجهات الرسمية والخاصة ضد أي هجمات إلكترونية، وبالتوازي العمل على توعية عموم المستخدمين لكيفية تأمين بياناتهم وحماية خصوصياتهم في الفضاء الإلكتروني. وفي ظل التحديات والأخطار المحدقة التي تحيط بكل مستخدمي العالم الافتراضي حول العالم وخاصة شعوب الدول النامية، فإن الأمر يتطلب إطلاق مبادرة وحملة قومية للتوعية بالأمن المعلوماتي لمستخدمي الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وبالتوازي العمل على تخصيص مساحة أكبر بالمناهج التعليمية لنشر مفاهيم الأمن الإلكتروني، وأن تكون المناهج مواكبة للتغيرات العالمية بمجال التكنولوجيا وأمن المعلومات، تجنبا للدخول في نفق أمية جديد أشد خطرا وهو أمية الأمن المعلوماتي.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" الأسبوع "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
close
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??