: أزمة الشرق الأوسط وواشنطن…  تهدئة أم تجنب الأخطاء

shafaqna 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

belbalady شفقنا-بعد الاجتياح الإسرائيلي لغزة، ظهر نموذج جديد للصراعات في النظام الدولي، إذ وعلى أساسه، وبدلا من الحكومات، تدخل أجزاء من الحكومات في الصراع كطرف متصارع، وهذا العامل يجعل الأمر صعبا على أمريكا لاتخاذ القرار، كونها أهم لاعب من خارج المنطقة في الشرق الأوسط. 

منذ تصاعد الأزمة في المنطقة مع الهجوم على السفن والقواعد الأمريكية، كان الأصل الأهم الذي تم تناوله هو رد أمريكا على هذه الهجمات. ومع سجلات السلوك الأميركي، كان العالم ينتظر ردود فعل قوية وساحقة، ولكن على عكس التوقعات، اقتصرت تصرفات أميركا على بضع هجمات متفرقة ومنظمة، وهو ما يمكن اعتباره تبني أسلوب المداراة إلى حد ما، بالنظر إلى تاريخ النزعة العسكرية للأميركيين. لكن السؤال الرئيس هو لماذا لم يتصرف الأمريكيون بقوة أكبر؟ 

من الصعب الإجابة على مثل هذا السؤال في ظل الظروف المعقدة الحالية، رغم أنه يقال إن أمريكا ليست قادرة على ابداء ردة فعل أوسع نطاقا، لكن لا بد من القول إن التوقعات لا تزال غير موثوقة وعالم الفاعلين السياسيين هو عالم الموضوعية. 

ومن الممكن أن أي لحظة تحدث حادثة قد تأخذ مجرى الأحداث في اتجاه مختلف. في المقابل، نشرت بعض وسائل الإعلام أخبارا عن خطة أميركية لردود فعل أكثر شدة. انطلاقا من الحقائق القائمة، يمكن سرد الأسباب التي تبرر تبني واشنطن أسلوب المداراة حتى هذه اللحظة.

أولا، يحاول جو بايدن، الرئيس الأميركي من الحزب الديمقراطي، منع تراجع شعبية الصندوق وأصواته.

ويرى ريتشارد بلاك، السيناتور الأمريكي السابق، أنه بسبب الانتخابات، لن يتمكن بايدن من شن حرب على إيران، مما قد يؤدي إلى توسيع الأزمة في الشرق الأوسط. في المقابل، لا يزال منافسه دونالد ترامب، صاحب الشخصية المثيرة للجدل، متفوقا في مختلف الولايات، وهو منافس فريد من نوعه في التاريخ السياسي الأميركي في بعض النواحي، فهو لا يهتم كثيرا بالآداب والشؤون الدبلوماسية، وفي حشد أنصاره يقوم بتحقير المنافس، ويفعل أشياء بعيدة عن مكانة القائد السياسي.

أزمة واسعة النطاق

ثانيا، على عكس الأزمات السابقة في الشرق الأوسط، مثل الهجوم على ليبيا وأفغانستان والعراق، والتي كانت تمثل مشكلة بالنسبة لواشنطن بشكل عام، يواجه الأمريكيون هذه المرة أزمة واسعة النطاق تشمل جهات فاعلة حكومية وغير حكومية. 

إن تركيبة اللاعبين في الساحة تجعل أيدي الولايات المتحدة غير مفتوحة للانتقام أو التنسيق، وخاصة أن بايدن يتجنب إزعاج أصدقائه الناشئين في الشرق الأوسط، بما في ذلك بغداد، ولا يمكنه الرد بشكل مناسب على الميليشيات الشيعية التي تهاجم الجنود الأمريكيين من الأراضي العراقية كما أن فرنسا، باعتبارها الحليف التقليدي للبنان، تريد الحفاظ على وحدة أراضي لبنان وعدم توسيع نطاق الحرب إلى لبنان. إن قصف دولة اليمن الفقيرة لن يساعد كثيرا في تقليص دوافع أنصار الله، إلا إذا مضت أميركا قدما في تنفيذ سيناريو أفغانستان في اليمن، وهو أمر مستبعد.

ثالثا، الهاجس الأهم لبايدن هذه الأيام هو وبعيدا عن الشرق الأوسط، يتجلى في أوروبا؛ اي أوكرانيا والشرق الأقصى؛ أي تايوان. المركزان اللذان أبقيا النار تحت رماد التاريخ المعاصر للعلاقات الدولية وتشير الأدلة إلى أنهما سيثوران عاجلا أم آجلا.

رابعا، تفاقم الأزمة في منطقة الشرق الأوسط المضطربة حاليا من شأنه أن يغذي ارتفاع أسعار النفط والطاقة في العالم، وهو أمر غير مقبول في نظر أصدقاء أميركا وحلفائها، وخاصة الأوروبيين.

خامسا، هناك مشكلة أخرى أمام الأميركيين وهي إيجاد سبب مبرر لمواجهة عسكرية محتملة، وهو ما لم يتمكنوا من الحصول عليه حتى الآن. وحتى الآن، لم تقبل طهران المسؤولية المباشرة عن أي هجوم ضد القوات الأمريكية في المنطقة، في حين قبلت الجماعات العراقية والفلسطينية واليمنية المسؤولية عن الهجمات، ووفقا للعرف والقانون الدولي، لا يزال من غير الممكن إثبات أن إيران هو المذنب.

 وهذا بالطبع يعطي تشجيعا خاصا لبايدن والديمقراطيين لتبرير الامتناع عن زيادة التوتر ضد المنافسين الجمهوريين. في المقابل، وعلى الرغم من الاتهامات التي تسمعها، لا تزال طهران تصر على عدم التدخل في الصراعات، وهذا يخلق فجوة في مواقف الأميركيين بين المتطرفين والمعتدلين، على الرغم من أن المعتدلين لا يعتقدون جديا أن طهران غير متورطة في الهجمات، لكن في الوضع الحالي من الضروري قبول التصريحات الرسمية الإيرانية حتى يحفظ بايدن مكانته أمام الرأي العام وأمام خصومه السياسيين.

يبدو أن ما يسمى “الخطأ الحسابي” في العلاقات الدولية، قد استحوذ على أذهان الأطراف الرئيسية في الصراع في الشرق الأوسط. وخلافا للقرن الماضي، فإن الحرب في العصر الحديث ليست لها تكاليف أحادية البعد. ونظرا لتشابك المكونات الاقتصادية والاتصالات والسياسية، فإن تزايد الأزمات في أي منطقة من العالم يمكن أن يسبب عواقب حتمية في مناطق أخرى.

إن تزايد الأزمة في الشرق الأوسط يمكن أن يكلف دولا أخرى قريبة وبعيدة، وهذا ما زاد من الدقة في تقليل الخطأ الحسابي.

ومع تقدير تكاليف مثل هذه الأخطاء الحسابية، فإن صناع القرار في مختلف أطراف الصراع يتحملون المسؤولية الأكبر في تخفيف التوتر.

المصدر: صحيفة اعتماد

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" shafaqna "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??