فريد الديب.. مرض ينهش في جسده،  وفقيدة لا تفارق مخيلته، وشيخوخة تداهم روحه، يفكر في اعتزال  عمله سنينًا في محراب العدالة، والبقاء في الفضاء،  تلك كانت آخر أيام فريد الديب ثعلب المحاماة والقضاء، حيث كان فراق إيمان ابنته بمثابة القاتل له.

اللحظة التي أبكت فريد الديب محامي القرن

عانى فريد الديب في آخر أيامه من مرض سرطان الدم، وخضع للعلاج، وازدادت معاناته بعد وفاة ابنته إيمان، أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق جامعة القاهرة، إثر إصابتها بفيروس كورونا المستجد، والتي توفيت في 19 مايو 2021.

فقد فريد الديب شغفه في الدنيا كما وصفت حنان الديب في حوراها مع القاهرة 24، وظل يمكث داخل منزله عدة أشهر، حاولت خلالها أسرته إلى العودة مره أخرى واستكمال تاريخه الحافل والمليء بالنجاحات في المحاماة، لكنه لكبر سنه ومعاناته مع المرض لم يعد يتحمل الوقوف أمام ساحات القضاء ليقرر الاعتزال.

الظهور الأخير لـ فريد الديب

في يوم السبت 12 مارس 2022 كان الظهور الأخير لفريد الديب أمام المحاكم، وذلك بعد أن قضى قرابة النصف قرن بين أورقتها من أن بدأ عمله كمحامي في عام 1917، حيث رسم لنفسه مسيرة حافلة وعامرة جعلته الاسم الأشهر في مهنة لها ثقلها، بل كان الأكثر  جدلية وجاذبيه خلال مرافعته في أي قضية من القضايا الشائكة التي كان يتصدى لها عن المتهمين بها.

الذكرى الأولى لـ وفاة فريد الديب

تعرض الراحل فريد الديب في ذلك الوقت لوعكة صحية شديدة، جعلته يتخذ قرار الاعتزال بعد قرابة 50 سنة من العمل بالمحاماة داخل ساحة المحكمة، إذ أعلن قرار في أخر جلسة حضرها بعد أن دخل المستشفى  إثر إصابته بمرض سرطان الدم، وتحسنت حالته الصحية خلال تلقي العلاج، لكنه عاد يعاني من جديد بسبب وفاة بعد وفاة ابنته إيمان، أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق جامعة القاهرة، إثر اصابتها بفيروس كورونا المستجد،  في 19 مايو 2021.

في آخر ظهور للمحامي فريد الديب أمام ساحات المحاكم وبالتحديد، أفصح الديب عن نيته للاعتزال أمام هيئة محكمة جنايات شمال القاهرة المنعقدة بالعباسية في يوم 12 مارس الماضي، بعد ختام مرافعته دفاعا عن رجال الأعمال حسن راتب أثناء مثوله في قضية الآثار الكبرى.

وقف فريد الديب في جلسة محاكمة حسن راتب خلال مرافعته الأخيرة والختامية، بصوت ونبرة يملئها التعب والإرهاق رغبته وقراره في الاعتزال قائلا:" دي آخر قضية أترافع فيها لأني دخلت في نوبة نفسية بسبب وفاة ابنتي وألتمس البراءة لموكلي في هذه القضية، قائلا: "أنا قربت على 80 سنة وكترت عليا الأمراض بين سرطان دم وغيرها، وأنا اشتغلت 60 سنة في السلك القضائي والعمل في المحاماة، وخلاص هعتزل العمل العام".

اختار الراحل فريد الديب جلسة محاكمة حسن راتب ليفصح ويكشف عن معاناته وإصابته بمرض السرطان من داخل ساحة المحكمة بالعباسية، ورغبته في الاعتزال عن العمل، مشيرة إلى أنه لم يتنازل عن أي طلب من طلباته السابقة، في إشارة منه وقتها إلى أنه اجتهد كثيرا في الدفاع عن حسن راتب المتهم في هذه القضية، مبررا أن كل مجتهد نصيب.

قرار اعلان  فريد الديب توقفه عن العمل في مجال المحاماة كان بالنسبة لأبنته السيدة حنان وللأسرة كان مفاجئ حيث كانوا يعلمون أنه سيتوقف لكن دون الإعلان، ليشاهدوا ويطلعوا على الأخبار والفيديو الذي انتشر وقتها وتصدر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن قضى ثعلب المحاماة قرابة نصف قرن في ساحات المحاكم.

الراحلة إيمان فريد الديب والتي أثرت في والدها بعد وفاتها وعانى فترة طويلة بعد وفاتها، كانت دائما تحكي وتؤكد لشقيتها السيدة حنان أن والدها لن يترك العمل في ساحة القضاء والمحامي، لتعلقه الشديد بتلك المهنة وكان عندما يعرف نفسه يقول أنا فريد الديب المحامي، فهو كان فخورا بعمله بتلك المهنة، مردفة:" إيمان كان بتقولي أبوكِ يوم ما هيحط القلم يوم ما هيحط راسه، إشارة منها وقتها إلى أنه سيظل يعمل في المحاماة حتى اللحظة الأخيرة وبالفعل.

كان لأسم فريد الديب نصيب من الصفة التي كان يمتلكها، حيث أنه كان فريد من نوعه  في تعامله مع القضايا، حيث تحول إلى الأغلى سعرا من حيث الأتعاب من بين أكثر من 400 ألف محام، لكنه مع ذلك خسر العديد من القضايا ولم يحالفه الحظ فيها، لكنه كان يبذل قصارى جهده لآخر لحظة في كل قضية يتولى الدفاع عنها.

رغم اتهام الكثير للمحامي الراحل فريد الديب بالانحياز للمال مقابل المبادئ حتى مع تجار المخدرات، إلا أن الكثير من زملاؤه، تباروا بعد وفاته في إظهار مدى كفاءته ومهارته، التي ربما قد لا يجود الزمان بمثلها مره أخرى، في  ثغراته وحنكته وذكائه الأمر الذي جعلهم يلقبوه بالساحر والثعلب، وسيظل أسم فريد الديب مخلد في الأذهان ويضرب به الأمثال ما بين المحامين.